115

Fatḥ al-Qadīr sharḥ al-Hidāya

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

بِهِ وَيَتَيَمَّمُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا وَفِي التَّارِيخِ جَهَالَةً فَوَجَبَ الْجَمْعُ احْتِيَاطًا. قُلْنَا لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عَمِلَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ ﵃، وَبِمِثْلِهِ يُزَادُ عَلَى الْكِتَابِ.
ــ
[فتح القدير]
رَاشِدُ بْنُ كَيْسَانَ، وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَأَمَّا مَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْجِنِّ فَقَالَ: مَا شَهِدَهَا مِنَّا أَحَدٌ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا فِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ. وَرَوَى أَيْضًا أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ " كُنْت مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ " وَعَنْهُ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا مِنْ الزُّطِّ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَشْبَهُ مَنْ رَأَيْت بِالْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ وَإِنْ جَمَعْنَا فَالْمُرَادُ مَا شَهِدَهَا مِنَّا أَحَدٌ غَيْرِي نَفْيًا لِمُشَارَكَتِهِ وَإِبَانَةِ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي كِتَابِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ قُلْنَا لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ) نَظَرٌ فِيهِ بِأَنَّ وَفْدَ نَصِيبِينَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ فِيمَا عُلِمَ، لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ أَنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي وِفَادَةِ الْجِنِّ أَنَّهَا كَانَتْ سِتَّ مَرَّاتٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا مَرَّةً فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ حَضَرَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَرَّتَيْنِ بِمَكَّةَ وَمَرَّةً رَابِعَةً خَارِجَةً الْمَدِينَةِ حَضَرَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَلَى هَذَا لَا يُقْطَعُ بِالنَّسْخِ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ) نَظَرٌ فِيهِ إذْ الْمَشْهُورُ مَا كَانَ آحَادًا فِي الْأَصْلِ ثُمَّ تَوَاتَرَ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ بَلْ تَكَلَّمَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَلَامُهُ فَوَجَبَ تَصْحِيحُ الرِّوَايَةِ الْمُوَافَقَةُ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، لِأَنَّ آيَةَ التَّيَمُّمِ نَاسِخَةٌ لَهُ

1 / 119