Fatḥ al-Mannān bi-sīrat Amīr al-Muʾminīn Muʿāwiya b. Abī Sufyān
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
Genres
وأكتفي في هذا المقام بذكر شاهدين من القرآن، لأن فيهما ردًا ضمنيًا على بعض من يطعنون في صحبة معاوية ﵁، وهما: قول الله تعالى:
أ- ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [الحديد: ١٠].
فبعض من يطعنون في صحبة معاوية يتهمونه بأنه لا يدخل في النصوص الواردة في حق الصحابة، لأنه أسلم بعد الفتح (^١)! وهذه الآية خير ردٍّ عليهم، فإن الله ﷿ وعد الطائفتين -من أسلم قبل الفتح، ومن أسلم بعد الفتح- الحسنى، وهي: الجنة (^٢).
ب- ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٦].
فهذه الآية نزلت في شأن المؤمنين الذين حاربوا مع النبي ﷺ يوم حنين، وكان منهم طائفة كثيرة من مسلمة الفتح، ومنهم معاوية ﵁.
يقول شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «وأعظم جيش جمعه النبي ﷺ: كان بحنين والطائف، وكانوا اثني عشر ألفا. وأعظم جيش غزا مع النبي ﷺ: جيش تبوك، فإنه كان كثيرا لا يُحصى، غير أنه لم يكن فيه قتال. وهؤلاء المذكورون دخلوا في قوله تعالى: ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى﴾ فإن هؤلاء الطلقاء مسلمة الفتح هم ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل، وقد وعدهم الله الحسنى، فإنهم أنفقوا بحنين والطائف وقاتلوا فيهما، ﵃» (^٣).
(^١) وقد تقدَّم في صدر الكتاب ذكر الخلاف في وقت إسلامه.
(^٢) تفسير الطبري (٢٣/ ١٧٧).
(^٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٥٩).
1 / 240