125

Fatḥ al-Bārī Sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī

فتح الباري شرح صحيح البخاري

Editor

مجموعة من المحقيقين

Publisher

مكتبة الغرباء الأثرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

المدينة النبوية

وهذا قول كثير من العلماء، وقد حكاه أبو الفضيل التميمي عن أصحاب أحمد، وهو قول طوائف من المتكلمين (١٩٧ - ب/ ف)؛ لكن المتكلمون عندهم أن الأعمال لا تدخل في الإيمان وتدخل في الإسلام.
وأما أصحابنا وغيرهم من أهل الحديث فعندهم أن الأعمال تدخل في الإيمان مع اختلافهم في دخولها الإسلام – كما سبق – فلهذا قال كثير من العلماء: إن الإسلام والإيمان تختلف دلالتهما بالإفراد والاقتران، فإن أفرد أحدهما دخل الآخر فيه، وإن قرن بينهما كانا شيئين حينئذ.
وبهذا يجمع بين حديث سؤال جبريل عن السلام والإيمان ففرق النبي ﷺ بينهما وبين حديث وفد عبد القيس حيث فسر فيه النبي ﷺ الإيمان المنفرد بما فسر به الإيمان المقرون في حديث جبريل. وقد حكى هذا القول أبو بكر الإسماعيلي عن كثير من أهل السنة والجماعة، وروي عن أبي بكر بن أبي شيبة ما يدل عليه (١)، وهو أقرب الأقوال في هذه المسألة وأشبهها بالنصوص والله أعلم.
والقول بالفرق بين الإسلام والإيمان مروي عن: الحسن، وابن سيرين، وشريك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيي بن معين، ومؤمل ابن إهاب، وحكى عن مالك - أيضا -، وقد سبق حكايته عن قتادة، وداود بن أبي هند، والزهري، وابن أبي ذئب، وحماد بن زيد، وأحمد (٢)، وأبي خيثمة وكذلك (٣) حكاه أبو بكر بن السمعاني عن أهل

(١) انظره في " تعظيم قدر الصلاة "، (٢/ ٥٢٨) .
(٢) راجع معظم هذه الأقوال في " السنة " للخلال (١٠٧٣ – ١٠٨٣)، و" تعظيم قدر الصلاة" (٢ / ٥٠٦ - ٥١٧) .
(٣) في " ف ": " فكذلك "، وما أثبتناه موافق للسياق.

1 / 129