المسيئين، الذي لا يتهم في مشورته وإشارته على اليقين (1)، العالم بعواقب ما يشير به من أمور الدنيا والدين - تكون دون مشاورة ملك روحاني، أو نبي، أو وصي، أو غيرهما من العالمين، إن هذا بعيد من مذاهب العارفين.
وقد رأيت عندي يوم الثلاثاء رابع عشرين من شهر رجب، سنة اثنتين وأربعين وستمائة باعثا قويا، عرفت أنه من جانب العناية الإلهية علي أن أصنف - في المشاورة لله جل جلاله - كتابا ما أعلم أن أحدا سبقني إلى مثله، يعرف قدر هذا الكتاب من نظره بعين إنصافه وفضله، واتفق أن هذا يوم رابع عشرين، يوم فتح الله جل جلاله أبواب النصرة في حرب البصرة على مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، ويوم إعزاز الدين، ويوم كشف الحق بين المختلفين، فوجدته أهلا أن يكشف الله جل جلاله فيه على يدي الحق في مشاورته جل جلاله، واستخارته بلطفه وعطفه ورحمته وعنايته، وقد سميته كتاب " فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب "، ويصير حجة لله جل جلاله على من عرفه، أو بلغه من المكلفين في تقديم مشاورته جل جلاله على العالمين، وقاطعا لأعذار من تخلف عن مشاورته سبحانه فيما يشاور فيه جل جلاله من أمور الدنيا والدين.
وهذه أبواب الكتاب، نذكرها بابا بابا جملة قبل الشروع في التفصيل، ليعرف الناظر فيها ما يتضمنه كل باب منه، فيقصد إلى ما يريد من ذلك على التعجيل، ولعله يكون أربعة وعشرين بابا، حيث كان شروعي فيه - بالله جل جلاله - يوم رابع عشرين، وفيها بلاغ لقوم عابدين (2).
الباب الأول: في بعض ما هداني الله جل جلاله إليه من
Page 113