137

Fatāwā Ḥusām ʿAffāna

فتاوى د حسام عفانة

Genres

٦١ - سنن الصلاة
التسبيح باليدين بعد الصلاة المفروضة،
يقول السائل: هل يسبح المصلي بعد كل صلاة بيمينه أم بكلتا يديه؟ الجواب: التسبيح بعد الصلاة من السنن الثابتة عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم وردت فيه أحاديث كثيرة منها: عن كعب بن عجرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة، ثلاثًا وثلاثين تسبيحة وثلاثًا وثلاثين تحميدة وأربعًا وثلاثين تكبيرة) رواه مسلم. وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من سبح لله في دبر كل صلاة، ثلاثًا وثلاثين وحمد الله ثلاثًا وثلاثين وكبر ثلاثًا وثلاثين تكبيرة، وقال تمام المئة، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) رواه مسلم، وغير ذلك من الأحاديث. والسنة في التسبيح أن يكون باليدين، لما ورد في ذلك عن عبد الله بن عمرورضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله ﷺ يعقد التسبيح بيده) رواه الترمذي والحاكم والبيهقي، وهو حديث صحيح. وجاء في رواية أخرى عند أبي داود (رأيت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه) وقال الشيخ الألباني: صحيح، انظر صحيح سنن أبي داود ١/٥٨٠. وجاء في الحديث عن يسيرة بنت ياسر - وكانت إحدى المهاجرات - قالت: قال لنا رسول الله ﷺ: (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات) رواه أبوداود والترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه النووي والحافظ ابن حجر والألباني. وهذا الحديث يدل على عقد التسبيح باليدين اليمنى واليسرى، ورواية أبي داود السابقة تدل على عقد التسبيح باليمنى فقط. وقد قال بعض أهل العلم: إن رواية أبي داود والتي فيها (بيمينه) مدرجة من الراوي إذ ليست في الأصول، إلا أن ابن علان في شرحه على الأذكار لم يرتض ذلك، ووفق بين الحديثين بقوله: " هذا وحديث يسيرة السابق، عقد الأنامل فيه شامل لكلا اليدين وحينئذ فإما أن يحمل على اليمين ليوافق حديث ابن عمرو أو يبقى على عمومه بالنسبة لحصول أصل السنة ويحمل خبر ابن عمرو على بيان الأفضل، أو يحمل حديثهما على ما احتيج إلى اليدين، وحديثه على ما إذا كفى أحدهما "، الفتوحات الربانية ١/٢٥٥. وخلاصة الأمر أن من سبح باليدين فقد أصاب أصل السنة لثبوت ذلك في الحديث، ولكن التسبيح باليد اليمنى أفضل لأن النبي ﷺ كان يحب التيامن دائمًا. وما أشار إليه حديث يسيرة (فإنهن مسؤولات مستنطقات) فيه إشارة إلى قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة النور /٢٤. فالله ﷾ ينطق الجوارح بقدرته فتخبر كل جارحة منها بما صدر عنها من أفاعيل صاحبها، كما قال الألوسي في تفسيره ٩/٣٢٤. وبناءً على ما سبق، يظهر لي أن التسبيح باليدين أولى وأفضل من التسبيح بالسبحة، قال المباركفوري: " وفي الحديث مشروعية عقد التسبيح بالأنامل وعلل ذلك رسول الله ﷺ في حديث يسيرة الذي أشار إليه الترمذي، بأن الأنامل مسؤولات مستنطقات يعني أنهن يشهدن بذلك، فكان عقدهن التسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى " تحفة الأحوذي ٩/٣٢٢. ولم يثبت عن النبي ﷺ حديث صحيح في التسبيح بالسبحة وما ورد فضعيف لا يعول عليه. *****

6 / 61