214

al-fatāwā al-kubrā

الفتاوى الكبرى

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

أَحَدُهُمَا: إنَّهُ نَجَسٌ كُلُّهُ حَتَّى شَعْرُهُ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ
وَالثَّانِي: إنَّهُ طَاهِرٌ حَتَّى رِيقُهُ، كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
وَالثَّالِثُ: إنَّ رِيقَهُ نَجَسٌ وَإِنَّ شَعْرَهُ طَاهِرٌ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ؛ وَلَهُ فِي الشُّعُورِ النَّابِتَةِ عَلَى مَحَلٍّ نَجَسٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهَا: إنَّ جَمِيعَهَا طَاهِرٌ حَتَّى شَعْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ؛ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالثَّانِيَةُ: إنَّ جَمِيعَهَا نَجَسٌ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ شَعْرَ الْمَيْتَةِ إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فِي الْحَيَاةِ طَاهِرَةٌ كَالشَّاةِ وَالْفَأْرَةِ، وَشَعْرُ مَا هُوَ نَجَسٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ نَجَسٌ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَهِيَ الْمَنْصُورَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ.
وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ هُوَ: طَهَارَةُ الشُّعُورِ كُلِّهَا: الْكَلْبُ، وَالْخِنْزِيرُ، وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِ الرِّيقِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ شَعْرُ الْكَلْبِ رَطْبًا، وَأَصَابَ ثَوْبَ الْإِنْسَانِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ، فَلَا يَجُوزُ تَنْجِيسُ شَيْءٍ وَلَا تَحْرِيمُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» .

1 / 264