Fatāwā Arkān al-Islām
فتاوى أركان الإسلام
Publisher
دار الثريا للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٤ هـ
Publisher Location
الرياض
Genres
Fatāwā
وفعله علم يقينًا أن الله -تعالى- قد قضاه وقدره، فالعبد مختار بحسب الأسباب الحسية الظاهرة التي قدرها الله -تعالى- أسبابًا لوقوع فعله، ولا يشعر العبد حين يفعل الفعل بأن أحدًا أجبره عليه، لكنه إذا فعل ذلك بحسب الأسباب التي جعلها الله -تعالى- أسبابًا، علمنا يقينًا بأن الله تعالى، قد قدرها جملة وتفصيلًا.
وهكذا نقول في التمثيل بفعل الإنسان المعصية حيث قلتم: إن الله قدر عليه فعل المعصية فهو سيفعلها لا محالة، ولكن ترك لعقله كيفية تنفيذها والسعي إليها.
فنقول فيه ما قلناه في بناء المسجد: إن تقدير الله -تعالى- عليه فعل المعصية لا ينافي اختياره لها، لأنه حين اختياره لها لا يعلم بما قدر الله -تعالى- عليه، فهو يقدم عليها مختارًا لا يشعر بأن أحدًا يجبره، لكنه إذا أقدم وفعل علمنا أن الله قد قدر فعله لها، وكذلك كيفية تنفيذ المعصية والسعي إليها الواقعة باختيار العبد، لا تنافي قدر الله -تعالى- فالله -تعالى- قد قدر الأشياء كلها جملة وتفصيلًا، وقدر أسبابها الموصلة إليها، ولا يشذ عن ذلك شيء من أفعاله، ولا من أفعال العباد الاختيارية منها والاضطرارية، كما قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج: ٧٠) وقال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام: ١١٢) وقال: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ
1 / 122