Fatawa al-Salah
فتاوى الصلاة
Investigator
عبد المعطى عبد المقصود محمد
Publisher
مكتب حميدو
وتبعاً ، فهذا أرفع . لكن هذا إنما يتم لمن يخلص إيمانه فصار يحب الله ، ويحب حمده وثناءه وذكره . وذلك أحب إلى قلبه من مطالب السائلين رزقاً ونصراً .
وأما من كان اهتمامه بهذا أكثر فهذا يكون انتفاعه بالدعاء أكثر وإن كان جنس الثناء أفضل ، كما أن قراءة القرآن أفضل من الذكر والدعاء . وقد يكون بعض الناس لنقص حاله انتفاعه بالذكر والدعاء أكمل ، فهو خير له بحسب حاله ، لا أفضل في نفس الأمر .
والمقصود هنا : بيان ما شرعه الله لعباده مطلقاً عاماً . ولهذا ما كان من أذكار الصلاة من جنس الدعاء لم يجب عند عامة العلماء .
وأما الثناء كدعاء الاستفتاح وغيره ، فاختلفوا في وجوبه ، فذهب طائفة من أصحاب أحمد إلى وجوب الذكر الذي هو ثناء كالاستفتاح ، وهو اختيار ابن بطة وغيره ، وذكر هذا رواية عن أحمد . كما وجب في المشهور عنه التسبيح في الركوع والسجود والتسميع والتحميد وتكبيرة الانتقال ، فهذان نوعان ظهر فضل أحدهما على الآخر .
وأما النوع المتوسط بينهما : فهو إخبار الإنسان بعبادة الله تعالى كقوله : « وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض»(٢١) وقوله: « إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين» وقوله: «لك سجدت ولك عبدت ، وبك آمنت ، وبك أسلمت » ونحو ذلك . فهذا أفضل من الدعاء ، ودون الثناء ، فانه إنشاء واخبار بما يحبه الله ، ويأمر به العبد ، فمقصوده محبوب الحق ، فهو أفضل مما مقصوده مطلوب العبد ، لكن جنس الثناء أفضل منه ، كما روى مسلم في صحيحه عن النبي ﷺ أنه قال: « أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر»(٢٢) فجعل هذا الكلام الذي هو ذكر الله أفضل من جميع الكلام بعد القرآن . وكذلك قال للرجل الذي قال : لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزيني فعله : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» فجعل ذلك بدلا عن القرآن .
(٢١) مسلم جـ ٢ ص ١٨٥، ١٨٦ طبعة التحرير ابو داود جـ ١ ص ١٧٥ النسائى جـ ٢ ص ١٠٠ الترمذى حديث ٣٤٨٢ .
(٢٢) مسلم حديث رقم ٢١٣٧ بلفظ أحب الكلام .
84