تنصرف دلالة لفظ (السماء) في القرآن الكريم إلى موجودات تميزها قرائن السياق؛ لأن أصل دلالته وجود في العلو, ولذا قالوا: "السماء هي كل ما علاك فأظلك", فقد يعني سقف البيت أو السحاب أو الجو أو ما يصطلح عليه باسم الفضاء, ووروده بالجمع بلفظ (السماوات) يدل لغة على طبقية التكوين، فيعني تميز الموصوف سواء الفضاء أو الجو إلى طبقات, وقد وصف الكون بدقة في قوله تعالى: "تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى. الرحمن على العرش استوى. له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى" [طه 4-6] ، فلفظ (العلى) جمع العليا تأنيث (الأعلى) ، فأفاد وجود غيرها تماثلها في طبقية التكوين، وهو ما يتفق مع تشكل الفضاء لطبقات تميزها بروج الأجرام وتشكل الجو كالأرض بالمثل طبقات, وفي قوله تعالى: "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب" [الصافات: 6-10] ؛ فلفظ (الدنيا) تأنيث (الأدنى) وهو من الدنو أو الدناءة، ولذا يدل تعبير (السماء الدنيا) هنا على الطبقة الأقرب أو الأسفل من آفاق الأجرام, والمعنى أنه خلال الهروب بسرعة متزايدة نحو الفضاء الأقرب المميز بالكواكب يمر العابر بمنطقة الرجم بالشهب.
Page 31