Fatawa
فتاوى ابن الصلاح
Investigator
موفق عبد الله عبد القادر
Publisher
مكتبة العلوم والحكم وعالم الكتب
Edition Number
الأولى
Publication Year
1407 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Fatwas
@ الله تَعَالَى يَقُول فِي الْخَبَر من تواضع لَغَنِيّ لأجل غناهُ ذهب ثلثا دينه فان اعْتقد فَضله بِقَلْبِه كَمَا تواضع لَهُ بِلِسَانِهِ وَنَفسه ذهب دينه كُله هَذَا كَلَام ثمَّ أَنا نعلم أَن هَذِه الْأَحَادِيث وَإِن لم تثبت من حَيْثُ الرِّوَايَة فَمَا تَقْتَضِيه من ذمّ إكرام الْغَنِيّ لغناه وإهانة الْفَقِير ثَابت صَحِيح وَذَلِكَ إِن لم ينْتَه بفاعله إِلَى فظاعة اللَّعْن وَذَهَاب ثُلثي الدّين فَهُوَ مُنكر قَبِيح على الْجُمْلَة فَإِن فِيهِ تَعْظِيم الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ مجمع الْآفَات وَأم الْخَبَائِث ويستلزم ذَلِك من ضعف قوى التَّقْوَى أمرا عَظِيما لَكِنَّهَا لَا تتَنَاوَل من أكْرم الْغَنِيّ مُطلقًا بل من أكْرم الْغَنِيّ من أجل غناهُ أَي كَانَ الْبَاعِث لَهُ على إكرامه مَا عِنْده من الدُّنْيَا واستعظام مَا اتّصف بِهِ من الْغنى فَلَا يدْخل فِي ذَلِك من أكْرم الْغَنِيّ لِمَعْنى آخر لَا يذمه الشَّرْع ويأباه بِأَن يقْصد بِهِ حفظ قلب الْغَنِيّ لعلمه بِأَنَّهُ إِن لم يفعل تأذى أَو ترغيبه فِي إكرام الأضياف أَو يُرِيد بِهِ دفع شَره وصيانة نَفسه وإياه عَن مَحْذُور غيبته أَو توطيئته لما يُرِيد أَن يَأْمُرهُ بِهِ من الْخَيْر فَهَذَا وَمَا أشبهه من الْمَقَاصِد الصَّحِيحَة إِذا اقْترن بِفعل ذَلِك فَهُوَ حسن غير مَذْمُوم وَالْفَاعِل لَهُ بنية التَّقَرُّب مأجور غير مأزور وتكلف هَذَا الْمَذْكُور لأبناء الدُّنْيَا إِذا كَانَ لشَيْء من هَذِه الْمَقَاصِد المستقيمة فَلَيْسَ فِي إكرام الْغَنِيّ لغناه فِي شَيْء أصلا وَكَذَلِكَ اقْتِصَاره فِي حق الْفَقِير على إِحْضَار مَا تيَسّر إِذا كَانَ ذَلِك يَكْفِي الْفَقِير ويرضيه من غير أَن يقْتَرن بِهِ استحقار مِنْهُ للْفَقِير وَفَقره لَيْسَ من إهانة الْفَقِير لفقره بسبيل وَقد أخرج أَبُو دَاوُد صَاحب السّنَن فِيهِ عَن مَيْمُون بن أبي شبيب أَن عَائِشَة ﵂ مر بهَا سَائل فَأَعْطَتْهُ كسرة وَمر عَلَيْهَا رجل عَلَيْهِ ثِيَاب واهية فأقعدته فَأكل فَقيل لَهَا فِي ذَلِك
1 / 173