اسباب الاجتهاد - وهو معرفة الأصول ومعرفة الاستنباط من تلك الأصول بالقياس - فكم والحري أن يشترط ذلك في الحاكم على الموجودات، اعني أن يعرف الأوائل العقلية ووجه الاستنباط منها.
وبالجملة فالخطأ في الشرع على ضربين: إما خطأ يعذر فيه من هو من أهل النظر في ذلك الشيء الذي وقع فيه الخطأ - كا يعذر الطبيب الماهر إذا اخطأ في صناعة الطب، والحاكم الماهر إذا اخطأ في الحكم. ولا يعذر فيه من ليس من اهل ذلك الشأن. واما خطأ ليس يعذر فيه احد من الناس، بل أن وقع في مبادىء الشريعة فهو كفروان وقع فيما بعد المبادئ فهو بدعة.
الأصول الثلاثة للشرع والإيمان بها
وهذا الخطأ هو الخطأ الذي يكون في الأشياء التي تفضي، جميع اصناف طرق الدلائل إلى معرفتها، فتكون معرفة ذلك الشيء بهذه الجهة ممكنة للجميع. وهذا هو مثل الاقرار بالله ﵎، وبالنبوات، وبالسعادة، الأخروية، والشقاء الأخروي.
وذلك أن هذه الأصول الثلاثة تؤدي اليها اصناف الدلائل، الثلاثة التي لا يعرى احد من الناس عن وقوع التصديق له من قبلها بالذي كلف معرفته، اعني الدلائل الخطابية والجدلية والبرهانية. فالجاحد لا مثال هذه الأشياء إذا كانت اصلًا من اصول الشرع كافر معاند بلسانه دون قلبه أو بغفلته عن التعرض إلى معرفة دليلها. لأنه أن كان من اهل البرهان فقد جعل له سبيل إلى التصديق بها
1 / 45