Fasl Khitab
فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية)
Publisher
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢١هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
Creeds and Sects
﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى - أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى - تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى - إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم: ١٩ - ٢٣] إلى قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ [النجم: ٢٧]
وقالَ تَعالى [الزخرف: ١٥] ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ [الزخرف: ١٥] قال بعضُ المفسِّرينَ: (جُزءًا)، أيْ: نَصيبًا وبعضًا. وقال بعضُهم: جعلوا لِلَّهِ نصيبًا من الولدِ. وعن قَتادةَ ومقاتل: عدلا. وكلا القولين صحيح، فإنَّهم يَجْعَلون له وَلَدًا، والولَدُ يُشْبِهُ أباهُ.
ولهذا قال [الزخرف: ١٧] ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ [الزخرف: ١٧] وَهُوَ كَظِيمٌ أيْ البَنات، كما قالَ في الآيَة الأخرى [النحل: ٥٨] ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل: ٥٨] فَقَد جَعَلوها لِلرَّحْمنِ مَثَلا، وَجَعَلوا لَهُ مِن عِبادِه جُزْءًا، فَإِنَّ الولدَ جُزء مِنَ الوالِدِ، قالَ ﷺ: «إِنَّما فاطِمَةُ بضعَةٌ مِنّيَ» .
وقولُهُ [الأنعام: ١٠٠]: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٠] قالَ الكَلْبِيُّ: "نَزَلَتْ في الزَّنادِقَة، قالوا: إِنَّ الله وإبليسَ شَريكانِ، فاللهُ خالقُ النُّورِ والنَّاسِ والدَّوابِّ والأنعامِ، وإبليسُ خالقُ الظلْمَةِ والسِّباعِ والحَيَّاتِ والعَقارِبِ. وَأمَّا قولُه: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] فَقيلَ: هو قولُهُم: الملائكةُ بناتُ الله، وسمى الملائكة جِنًّا؛ لاختِفائِهم عَن الأبصارِ، وهو قولُ مُجاهِدٍ وقتادة.
وقيل: قالوا لِحَيٍّ مِن الملائكةِ يُقالُ لهم: الجِنُّ، ومنهم إبليسُ: هم بناتُ الله. وَقَالَ الكَلْبِيُّ: قالوا لَعَنَهمُ الله: بَلْ بُذور يَخْرُجُ مِنها الملائكةُ. وقولهُ: ﴿وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٠] قالَ بعضُ المفسِّرينَ: هُم كُفَّارُ العَرَبِ، قالوا: الملائكةُ والأصنامُ بَناتُ الله، واليَهودُ قالوا: عُزير ابنُ الله، والذين كانوا يَقولونَ مِن العَرَبِ: إِنَّ الملائكةَ بناتُ الله، وَمَا نُقِلَ عَنهم مِن أنَّه صاهَرَ الجِنَّ، فوَلَدَتْ له الملائكةَ، فَقَد نَفاه عنه بامْتِناعِ الصَّاحِبَةِ، وبامتناعِ أنْ يكونَ منه جُزْءٌ، فإنِّه صَمَدٌ. وقولُه: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾ [الأنعام: ١٠١] وَهذَا لأنَّ الولادةَ لا تكونُ إلا مِن
1 / 237