Fasl Fi Tarikh Thawra Curabiyya
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Genres
مندوب من قبل السلطان
في اليوم السابع من يونيو سنة 1882، وصل إلى مصر وفد من قبل السلطان عبد الحميد برياسة المشير مصطفى درويش باشا، ومن أهم أعضائه أحمد أسعد أحد ذوي المكانة والحظوة عند السلطان وقد جاء رقيبا على درويش.
وقوبل الوفد في الإسكندرية والقاهرة بمظاهرات عظيمة، كانت تهتف بسقوط الإنذار النهائي وكان يسميه الناس يومئذ اللائحة، وكان الهتاف الشعبي أن يقول أحد الناس: «اللايحة اللايحة» ... فيرد الجميع قائلين: «مرفوضة مرفوضة»، وعظمت الهتافات لعرابي وللدستور، حتى لقد عجب درويش ووفده من هذه الروح الطيبة وشيوعها في جميع طبقات الشعب.
ويظهر أن درويشا كان مزودا بتعليمات: أن يظهر العطف على الخديو من جهة، وأن يشجع عرابيا من جهة أخرى نكاية من السلطان في إنجلترة وفرنسا وتوفيق؛ ثم لكي يستعيد سلطانه في مصر بأن يجعل الجانبين يلجآن إليه.
وقد أخذ درويش يستقصي أسباب الخلاف بين عرابي والخديو، ويسأل عن مسلك الجيش، ولم يقبل عرابي أن يصحبه إلى الآستانة حين عرض عليه ذلك، كما أنه لم يقبل أن يتنازل له عما أخذه على عاتقه من حماية الأمن، إلا إذا حصل منه على كتاب رسمي يخليه فيه من كل تبعة.
وطلب درويش من السلطان نحو مئتي وسام للضباط وللمدنيين. فأجابه السلطان إلى طلبه وأنعم على عرابي بالوسام المجيدي الأكبر. وقد ضايق توفيقا هذا الإنعام فهو تأنيب عملي له على ... بالدولتين؛ كما أن فيه معنى الرضاء عن عرابي؛ لأنه يقف في وجه الدولتين المتدخلتين في شؤون مصر. وأبرق عرابي يشكر السلطان. فجاءته برقية من السلطان تتضمن رضاءه عنه، وثناءه على حسن سلوكه وإخلاصه لواجبه.
توفيق يتآمر ضد البلاد - حادث 11 يونيو بالإسكندرية
حدثت في يوم 11 يونيو سنة 1882 مشاجرة بين أحد الوطنيين، واسمه السيد العجان وبين مالطي استأجر حمار هذا الوطني، فقد طعن المالطي صاحب الحمار بسكين عدة طعنات فقتله؛ وذلك لأنهما تخاصما على الأجر.
وخف رفاق القتيل ليمسكوا بالقاتل ولكنه هرب إلى بيت قريب، وسرعان ما رأى الوطنيون الذين تجمعوا الرصاص يتهاوى عليهم من بعض النوافذ والأبواب القريبة، فسقط بعضهم صرعى وجرحى، وعظم الهياج وتنادى الوطنيون للانتقام فأخذوا ما اتفق لهم من العصي والحجارة والخناجر، وانهالوا على كل من صادفهم من الأوروبيين ضربا، لا يبالون أين يقع؛ ونهبت بعض الدكاكين واستمرت الفتنة حتى الساعة السابعة مساء، حيث حضر الجند فأعادوا الأمن إلى المدينة. وقد انبعثت الفتنة من ثلاثة أمكنة مختلفة بمجرد حدوث المشاجرة. وقد اختلفت المصادر في عدد القتلى من الجانبين وهو على أي حال لا يقل عن خمسين من الأجانب، وأكثر من ذلك من الوطنيين، فضلا عن الجرحى من الجانبين.
وحادث المشاجرة بين صاحب الحمار والمالطي حادث عادي في ذاته، لم يأت نتيجة تدبير بل هو ابن وقته. ولكن الأدلة قد توفرت بما لا يدع مجالا للشك على أن ما أعقب المشاجرة من فتنة كان أمرا مبيتا مدبرا من قبل، وأنه لو لم يقع حادث السيد العجان والمالطي، لوقعت المأساة عقب أي حادث من نوعه أو من أي نوع آخر.
Unknown page