للحزم فلربما ندم على تركه حيث لا ينفعه الندم. وعلى ما تقدَّم يُحمل، مثل قول الشاعر: [من الرمل]
لا يكُنْ ظَنُّكَ إلاَّ سيِّئًا ... إنَّ سُوء الظنِّ مِنْ أقوى الفِطَنْ
ما رمى الِإنسانَ في مَهلَكَةٍ ... غير حُسْنِ الظنِّ والفِعْلُ الحَسَنْ
وقوله في الحديث: "البِكري" -بكسر الباء- هو أول ولد الوالدين، فهذا لا تأمنه فضلًا عن الأجنبي.
وفي الحديث أيضًا: "أُخْبُرْ تَقلُه" (١)، قوله: "أخْبُر" بإسكان الخاء المعجمة وضم الموحدة، وقوله "تُقْلُه" بتثليث اللام كما قاله العزيزي (٢)، وهو من القلى وهو البغض. قلت: والأمر فيه بمعنى الخبر كما في قوله: "إذا لم تَسْتَحِ فاصنَع ما شِئتَ" (٣)، أي؛ صنعتَ، وهنا معناه إذا اختبرت الناس قليتهم لما يظهر لك من سوء بواطنهم، وحُذف معمولُ الخبر لِإرادة العموم؛ لأنَّ حذف المعمول يؤذن بالعموم، والتقدير أخبر من شئت أو أي صاحب. والهاء في قوله: "تقله" هاء السكت، ويصح أن تكون ضميرًا
عائدًا على المعمول المقدَّر، أي: أخبر صاحبك تقله.
_________
(١) رواه الطبراني من حديث أبي الدرداء مرفوعًا وموقوفًا، قال الهيثمي في "المجمع ٨/ ٩٠: وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف.
وقد ذكر السخاوي هذا الحديث في المقاصد الحسنة ص ٢٥ وبيَّن طرقه وضعفها ثم قال: ومن شواهده ما اتفق عليه الشيخان عن ابن عمر مرفوعًا: "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة".
(٢) السراج المنير ١/ ٦٩.
(٣) رواه البخاري ح ٣٤٨٣ من حديث أبي مسعود البدري بلفظ: "إنَّ مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي ... ".
1 / 49