الرواية" وكان القياس: أخاك؛ لأنَّ المقام مقامُ التحذير.
قال العزيزي (١): وهو مبتدأ. وقوله: "البكري" نعت له، والخبر محذوف تقديره يُخاف منه. وقال الخطابي: هذا مثل مشهور عند العرب، وفي هذا الحديث إثبات الحذر واستعمال سوء الظن إذا كان على وجه السلامة. اهـ.
قوله: (واستعمال سوء الظن)، اعلم أن سوء الظن بالأخ المسلم حرام؛ لقوله تعالى: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، فما ورد من الأحاديث مما ظاهره يخالف ذلك كهذا الحديث، وحديث: "الحزم سوء الظن بالناس" (٢) محمول على معاملة الأصدقاء معاملة من يُساء به الظن مع حسن الظن بهم، فإنْ تَرَكَ ذلك كان تاركًا
_________
= أحمد في المسند ٥/ ٢٨٩، من حديث عمرو بن الفَغْوَاء الخُزاعي في قصة طويلة.
وقال المنذري: في إسناده محمَّد بن إسحاق بن يسار.
والنبي ﷺ استعمل هذا المثل تنبيهًا لعمرو بن الفغواء عندما أرسله بمال لأبي سفيان بمكة بعد الفتح، وذلك تحذيرًا من رفيقه الذي صاحبه في تلك الرحلة قائلًا له: "إذا هبطتَ بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه".
(١) السراج المنير شرح الجامع الصغير ١/ ٧٤.
(٢) رواه الطبراني في المعجم الأوسط ح ٦٠٢، وتمَّام في فوائده (الروض البسام) ح ١١٦٧ من حديث أنس، بلفظ: "احترسوا من الناس بسوء الظن"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٨٩: رواه الطبراني في الأوسط وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس وبقية رجاله ثقات.
وللحديث شواهد عند أحمد في الزهد والبيهقي في السنن والديلمي في مسند الفردوس، ذكرها السخاوي. ينظر: المفاسد الحسنة ص ٢٤.
1 / 48