فصل
واعلم أنّ الظّنّ إذا كان بمعنى اليقين أو التّهمة، فإنّه يتعدى إلى مفعول واحد.
فاليقين (١) قوله، ﷿:/ ١١٨ ب/ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (٢)، وشبهه. ومنه قول الشّاعر (٣):
فقلت لهم ظنّوا بألفي مدجّج ... سراتهم في الفارسيّ المسرّد
أي: تيقّنوا بإتيانهم (٤) إيّاكم.
وأمّا الاتهام فقولك: ظننت عبد الله. أي (٥): اتهمته.
وأمّا إذا كان الظنّ بمعنى الشّكّ، فلا بدّ له من مفعولين، كقولك: ظننت زيدا عاقلا (٦)، أي: حسبته. وكذلك ما أشبهه.
وقال بعض العلماء: أصل الظّنّ الشّكّ، فإن وقع للعلم كان مجازا.
قال: والفرق بين الظّنّ الذي يكون للعلم والذي يكون للشّكّ، أنّ ظنّ العلم لا مصدر له، وظنّ الشّكّ له مصدر كما تقدّم في قوله: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (٧)، وشبهه. فإن كان الظّنّ مصدرا لم يجمع، وإن جعل اسما جمع، فقيل: كثرة الظنون، فاعلم ذلك.
_________
(١) المطبوع: واليقين.
(٢) البقرة ٤٦.
(٣) دريد بن الصمة، ديوانه ٤٧، وفيه: علانية ظنوا. والمدجّج: التام السلاح، وسراتهم:
أشرافهم. الفارسي: الدرع الذي يصنع بفارس. المسرد: المحكم النسج.
(٤) المطبوع: باتباعهم.
(٥) المطبوع: بمعنى.
(٦) المطبوع: غافلا.
(٧) الجاثية ٣٢.
1 / 40