10
الدهر، ويتحدى نوازل الأيام. أما القصر فكان آية من آيات الفن الإغريقي في اتساع حجراته وأبهائه، وعظم أعمدته التي نحتت من الرخام الأبيض الناصع اللماع، وفخامة أثاثه، وجمال سقوفه وما زينت به من النقوش والصور، التي تعاون المال والفن الرفيع على أن تكون شركا للعيون، وفتنة للعقول، وكان القصر يموج بمن به من الجواري، يذهبن في أنحائه هنا وهناك، وقد غشت وجوههن سحابة من الحزن الصامت المكبوت.
11
كان هذا القصر لأبي العلاء سعيد الحمداني عظيم أسرة بني حمدان وشاعرها وفارسها المعلم، الذي هابته القبائل النازلة بالشام والموصل، واستجدت عونه الدولة العباسية وهي تترنح
12
للسقوط، واتخذت من شجاعته درعا تقيها صولات الطامحين.
رفعت سخينة رأسها بعد طول الإطراق، ونظرت في وجه وصيفتها ليلى نظرة الذاهل المأخوذ وقالت: إن ابني حسينا يصل من الموصل اليوم، فلعلنا نقف منه على جلية الأمر في مقتل أبيه. - إنه لن يعوق يا سيدتي ؛ لأنه أرق قلبا من أن يتركنا طويلا بين حرقة الحزن ومرارة الانتظار.
ثم أخذتا في الحديث في مآثر سعيد وجوده وشجاعته، وذكرت ليلى مواقعه اللامعة ونصره المؤزر
13
الحاسم على بني كلاب وبني النضير، وما كانت إلا ساعة حتى سمعت جلبة وضوضاء، ثم فتحت أبواب القصر، ودخل الحسين بن سعيد، يمتطي جوادا أشهب،
Unknown page