364

Al-faraj baʿd al-shidda

الفرج بعد الشدة

Editor

عبود الشالجى

Publisher

دار صادر، بيروت

Publication Year

1398 هـ - 1978 م

فلما رأوني رجعوا بخبري إلى أمير المؤمنين، فانتهيت إلى الباب آخر النهار، فدخلت على الرشيد، فقبلت الأرض، ووقفت بين يديه.

فقال: هات ما عندك، وإياك أن تغفل منه لفظة واحدة.

فسقت إليه الحديث من أوله، حتى انتهيت إلى ذكر الفاكهة والطعام والغسل والطهور والبخور، وما حدثت به نفسي من امتناعه مني، والغضب يظهر في وجهه ويتزايد، حتى انتهيت إلى فراغ الأموي من الصلاة، وانفتاله، وسؤاله عن سبب مقدمي، ودفعي الكتاب إليه، ومبادرته إلى إحضار ولده وأسبابه، ويمينه أن لا يتبعه أحد منهم، وصرفه إياهم، ومد رجليه حتى قيدته، فما زال وجه الرشيد يسفر.

فلما انتهيت إلى ما خاطبني به في المحمل، عند توبيخي إياه، قال: صدق والله، ما هذا إلا رجل محسود على النعمة، مكذوب عليه، ولقد أذيناه، ولعمري لقد أزعجناه، وروعناه، وروعنا أهله، فبادر بنزع قيوده عنه، وائتني به.

فخرجت، فنزعت قيوده، وأدخلته على الرشيد، فما هو إلا أن رآه، حتى رأيت ماء الحياء يدور في وجه الرشيد، ودنا الأموي، فسلم بالخلافة، ووقف، فرد عليه الرشيد ردا جميلا، وأمره بالجلوس، فجلس.

وأقبل عليه الرشيد، ثم قال له: إنه بلغنا عنك فضل همة، وأمور، أحببنا معها أن نراك، ونسمع كلامك، ونحسن إليك، فاذكر حوائجك.

فأجاب الأموي جوابا جميلا، وشكر، ودعا، ثم قال: أما حاجتي، فما لي إلا حاجة واحدة.

فقال: مقضية، فما هي؟ قال: يا أمير المؤمنين، تردني إلى بلدي، وأهلي، وولدي.

فقال: نحن نفعل ذلك، ولكن سل ما تحتاج إليه من صلاح جاهك، ومعاشك، فإن مثلك لا يخلو أن يحتاج إلى شيء من هذا.

Page 41