راعي الغنم :
وماذا يعنيني من أمر الغنم؟ أهي لي؟ ما أنا إلا عبد.
راعي المعز :
لا أقل إذن من أنك وجدت في ناي الغاب ما تؤنس به وحشتك وسط جدب الصخور، خذه! أما تريد هذا الناي؟ لقد صنعته بيدي خذه، ولترسل أنفاسك في غابه، وغابه عذب الأغاني، ولتسمعنا من النغمات ما تحاكي به تغريد الطيور.
راعي الغنم :
لا، احتفظ بعطائك، ما أريد أن أسمع إلا طيور الظلام من بوم وعقبان، وفي نعيبها بالغناء ما يكفيني، ولا أريد أن أحاكي غير أغانيها ... وأما نايك فأنا محطمه تحت أقدامي، إنني لأبغض كل مسراتكم، وقلبي لا يخفق لجمال الزهر ولا لرقة الندى ولا لزفرات البلابل العذبة، لقد أغلقت حواسي دون ذلك كله، ألست عبدا؟
راعي المعز :
وا حسرتاه! إنك لجدير بالرحمة، نعم ما أقسى الرق! نعم، لكل حي أن يخشى نيره، ونيره ثقيل الحمل، ما أتعس أن نعيش لغيرنا وقد سلبنا ذلك الغير كل شيء! أيتها الحرية، أيتها الحرية العزيزة، ابسطي فوقي جناحيك، يا أم الفضائل، يا أم الوطن.
راعي الغنم :
اغرب عني، ما الفضائل وما الوطن إلا كلمات خاوية، ثم إن في حديثك ما يجرحني، وفي سعادتك المدعاة ما يحزنني ويثير حفيظتي، بودي أن لو كنت مثلي عبدا.
Unknown page