146

Falsafat Cilm

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Genres

Dialectica »، ومع هذا فإنه المسئول عن شيوع مصطلح

Logic

كاسم لهذا المبحث طوال العصر المدرسي وما تلاه. وفي بدايات القرن الثالث عشر الميلادي تأسست جامعتا باريس وأكسفورد، وقع تدريس المنطق الصوري الأرسطي في الصفوف الأولى من كلية «الفنون الحرة»، أي كلية الآداب ليشكل عقلية الطالب منذ البداية؛ نظرا لاعتماد آباء الكنيسة هذا المنطق كمنهج للبحث. إنها المرحلة المدرسية التي سادها المنطق الأرسطي أكثر مما ينبغي، حتى استغرقها التفكير النظري الخالص والدوران في القياسات الأرسطية العقيمة التي لا تأتي بجديد عن الواقع، خصوصا مع تراجع الاهتمام بالرياضيات والطبيعة، وتكرس العقل لخدمة اللاهوت، وتفسير الكتاب المقدس.

وكما رأينا في الانتقال «من العلم القديم إلى العلم الحديث» (الجزء الخامس من الفصل الأول) اقترنت حركة العلم الحديث بالثورة على المنطق الأرسطي وقياساته العقيمة، وسلك الطريق المضاد تماما وهو طريق الاستقراء التجريبي. فلا يدهشنا أن المنطق الصوري منذ النصف الثاني من القرن الرابع عشر يدخل في مرحلة بيات شتوي طويل استمرت خمسمائة عام، وهي المرحلة التي تصدرها المنهج الاستقرائي كتعبير عن روح العلم وروح العصر ساد فيها الظن بأن المنطق غير ذي نفع كبير ما دام لا يصلح لاكتشاف الطبيعة المتأججة وتنحصر معاملاته في الصحائف والأوراق، وأنه بحكم طبيعته لا يقبل تطويرا، بل إنه عائق دون استقبال العصر الحديث والعالم الحديث. هيمنت الروح التجريبية بوصفها روح العصر ومنهج البحث، وتراجع المنطق إلى زوايا الإهمال والجمود لما يقرب من خمسمائة عام.

حتى كانت الانبثاقة الكبرى للمنطق الحديث في منتصف القرن التاسع عشر، فلماذا حدثت؟ وكيف جعلت المنطق الحديث رياضيا؟

نلاحظ أنه يغلب على الباحثين تتبع نشأة المنطق الحديث في سياق منطقي خالص، وجهود مناطقة كبار في إنجلترا أمثال ريتشارد ويتلي

R. Whately (1787-1863م)، ووليم هاملتون

W. Hamilton (1788-1856م) حاولوا - من داخل حدود المنطق الأرسطي - إخراجه من زوايا النسيان وبعث الحياة والدماء فيه وتطويره وتجديده. ثم يأتي جورج هنريك فون رايت، وهو من كبار أساتذة المنطق في القرن العشرين، مارس تدريسه وتطويره لما يربو على ستين عاما من هذا القرن، وارتبط بعلاقات حميمة مع كبار المناطقة فيه، يسهب فون رايت في إيضاح أن المنطق الحديث جاء في منتصف القرن التاسع عشر كنتيجة لنشأة الرياضيات البحتة من جانب وتطور الرياضيات التطبيقية كأداة للعلم من جانب آخر، مما جعل السؤال عن الفحص النقدي لأصول الرياضيات والأسس التي تستند عليها سؤالا ملحا. ومن خلال الجهود المبذولة للإجابة على هذا السؤال كانت نشأة ونماء المنطق الرياضي الحديث،

3

وعلى هذا نستطيع أن نربط تماما بينه وبين فلسفة العلم.

Unknown page