Al-falsafa al-Injlīziyya fī miʾat ʿām (al-juzʾ al-awwal)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Genres
W. Blake
هو «شاعر المذهب التخيلي»، كما كانت أشعار شيلي، المبنية على فكرة شمول الألوهية، مصدرا آخر مألوفا لأفكاره.
ويسمي فوست - الذي كان على استعداد دائم لنحت ألفاظ جديدة - ماهية الحقيقة باسم «المتخيلة
imaginal »، للدلالة على نشاط واع يعد الخيال أقرب نظير بشري له، وهو ينحت لها لفظا آخر، هو لفظ
conspiring ، فهو نشاط لا متناه، يجمع بين خلق كل ما في العالم وحفظه، وبين إنتاجه وإكثاره. وما الطبيعة إلا مرحلة في عملية الخلق الكلية، فهي مغامرة أو محاولة إلهية، إن جاز هذا التعبير، والقوى الدافعة لها هي القوى الجديدة العرضية الدينامية الخلاقة، لا التحديد العلي بما فيه من تماثل دائم. وهكذا فإن عالم الفيزياء ليس عالما حقيقيا، وإنما هو عالم تصوري فحسب، وهو طيف بلا قوام، إذا ما قارناه بعينية العالم الواقعي وامتلائه وتنوعه اللامتناهيين.
وهو ينظر إلى المرحلة الأصلية للوجود على أنها انسجام سكوني محكم، وعلى أنها كل لا يتغير، لا يوجد فيه من كل شيء إلا بذرته، ويسمي فوست هذه المرحلة باسم «المتخيل العظيم
the great imaginal »، ومنه يظهر بضربة واحدة النظام الطبيعي، الذي تكتسب فيه الأشياء تنوعا ، ويقابل بعضها بعضا، وتدخل في التعاقب الزمني. على أن هذه العملية تعكير للانسجام الأصلي، وهي «سقوط ميتافيزيقي»، أو كما كان شوبنهور خليقا بأن يسميها جريمة الفردانية. وهكذا يسعى المبدأ الكوني إلى الهروب من هذا الرجوع إلى الزمان واستعادة انسجامه. فالنظام الحالي للحوادث هو ساحة تتصارع فيها القوى التي تعمل على الإخلال بالنظام، وتلك التي تعمل على بعث الانسجام، ولا بد أن يكتب النصر للأخيرة؛ لأنها هي التي تضفي على العملية الكونية معناها، أي تطورها الخلاق، وصعودها إلى مستويات أعلى للوجود، وفي هذا الصعود - الذي هو عودة الأشياء إلى قلب الوجود كله - يكون الخلاص من كل نقص وتنافر وشر. إن العالم الذي نحيا فيه مليء حقا بالألم والحاجة والخطيئة، غير أن لنا الحق في أن نفترض أنه قادر على تحسين ذاته، وأنه سيعمل بالتدريج وبمضي الوقت، على مساعدة الخير على الانتصار.
تتحقق في باكس دعوة جرين للجيل الجديد في العقد الثامن من القرن الماضي إلى الانصراف نهائيا عن تعاليم مل وسبنسر، والتحول إلى مؤلفات كانت وهيجل، ففي شبابه كان يلتزم تماما نطاق المذهب التجريبي عند ليويس وبين ومل وسبنسر، كما حضر اجتماعات الوضعيين، وبعد ذلك تعرف إلى إدوارد فون هارتمان في رحلة إلى ألمانيا كان لها أثرها الحاسم في حياته، فأسفر ذلك عن دراسة عميقة للمثالية الألمانية في صورها المتعددة، أقنعته بأن طبيعة الفلسفة الإنجليزية التقليدية سطحية لا أساس لها. هذا التحول الأساسي، الذي نجم عن اتصاله المباشر بخالقي المثالية نفسها، أكثر مما نجم عن اتصاله بأتباعها من الإنجليز، قد حدث في بداية العقد التاسع، وقضى باكس بقية حياته مثاليا، فمنذ ذلك الحين أصبحت ألمانيا بالنسبة إليه وطنا روحيا، كما كانت من قبل بالنسبة إلى كارليل، وكما كانت في نظر معاصره هولدين.
وكان باكس يرى أن القضية الأساسية في المثالية هي المبدأ القائل: إنه لا يمكن أن توجد حقيقة خارج كل علاقة بالوعي، والوعي مركب لا ينفصم، يتألف من عوامل ثلاثة هي، «هذا
that » الذي يدرك، «وشيء ما
Unknown page