وقد حدثنا فهد نا أبو نعيم حدثنا الحسن بن صالح عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: لا ينتفع من الرهن بشيء. انتهى(1).
وقد ظهر من هذه العبارات وغيرها من كلمات الثقات أنهم اختلفوا في الحديث المذكور على أقوال:
أحدها: حمله على انتفاع الراهن، وهو مسلك الشافعية.
وثانيها: حمله على انتفاع المرتهن مطلقا، وإن لم يأذن له الراهن، وهو مسلك إمام الحنابلة.
وثالثها: حمله على انتفاع المرتهن بإذن الراهن، وهو مسلك جمهور علماء الأمة.
ورابعها: كونه منسوخا بتحريم القرض مع جر المنفعة.
ولا يخفى على المنصف الغير المتعسف أن أولى الأقوال فيه هو حمله على انتفاع المرتهن عند إذن الراهن، لكن بشرط أن لا يكون مشروطا حقيقة أو حكما، كما سيأتي فيما يأتي.
وأما حمله على جواز انتفاع المرتهن مطلقا، فيخالفه الأصول الشرعية، والقواعد الممهدة النقلية الثابتة بالآيات البينة والأحاديث الثابتة أنه لا يجوز الانتفاع بملك الغير بدون إذنه صريحا أو دلالة، فإنه لا شك أن المرهون مملوك للراهن، وليس للمرتهن إلا حق الحبس والتوثق، فكيف يجوز له التصرف بغير إذن الراهن، وإليه أشار ابن عبد البر المالكي كما مر نقله(2)عن ((إرشاد الساري)).
Page 17