74

Falak Dair

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Investigator

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

٤٣- قال المصنف: ولا يجوز أن تفسر الفصاحة بهذا لوجهين: أحدهما أن اللفظ قد يكون ظاهر المعنى عند زيد لا عند عمرو، فيجب أن يكون فصيحا غير فصيح، وهذا محال، بل الفصيح يجب أن يكون فصيحا مطلقا. والثاني: أن اللفظ القبيح الذي ينبو عن السمع ولكنه ظاهر المعنى يجب أن يكون فصيحا، وهذا محال؛ لأن الفصاحة وصف حسن، فلا يجوز أن يكون اللفظ قبيحا١. أقول إن أرباب علم البيان لم يقتصروا في حد الفصاحة على أنها ظهور المعنى من اللفظ فقط، بل قالو في حدها وحقيقتها ما يعرفه من تمارس كتبهم، ولو قالوا ذلك لم يكن ما أورده عليهم قادحا في كلامهم. أما الوجه الأول فإنه ليس من شرط الفصيح أن يكون ظاهرا مكشوف المعنى لكل سامع، فإن الزنج والروم لا يفهمان المراد بالقرآن، ولا يقدح ذلك في كونه فصيحا، والفصاحة أمر نسبي لأنها صفة اللفظ، واللغات والألفاظ تختلف باختلاف الأمم قرونها وبلادها. وأما الوجه الثاني فلأن القبيح الظاهر المعنى فصيح من حيث ظهور معناه وإن كان قبيحا من وجه آخر، ونظير ذلك الكلام الفصيح يتضمن شتم الأنبياء والثناء على إبليس والشياطين أو غير ذلك من الوجوه التي يقبح

١ ذكر ابن الأثير ثلاثة اعتراضات لخص ابن أبي الحديد ثانيها وثالثها، ولم يذكر أولها وهو: أنه إذا لم يكن اللفظ ظاهرا بينا لم يكن فصيحا، ثم إذا ظهر وتبين صار فصيحا المثل السائر: ١/ ١١٣.

4 / 88