272

Al-Falak al-dāʾir ʿalā al-mathal al-sāʾir (maṭbūʿ bi-ākhir al-juzʾ al-rābiʿ min al-mathal al-sāʾir)

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Editor

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

كل ذلك حثا للمأمور على المبادرة على الفور، كما تقول لصاحبك قم قم، فإنما تريد بهذا اللفظ المكرر أن يبادر إلى القيام في الحال الحاضر١.
أقول: إن المذهب الذي قد اختاره هو مذهب مجاهد، والاحتجاج الذي قد احتج به لنصرته ضعيف؛ لأن فحوى كلامه أنه يذهب إلى أن الأمر إذا ورد مجردا عن التكرير لم يدل على الفور، ألا تراه كيف قد قيد كلامه فقال إذا صدر بلفظ التكرير غير مؤقت، فلو كان ممن يذهب إلى أن الأمر يقتضي على الفور مجردا لم يحتج إلى هذه القيود.
وإذا كان كذلك فأدلة القائلين بأن الأمر لا يقتضي الفور جميعها موجودة في أن الأمر المكرر قرينة يفهم منها الفورية، مثل أن يقول له قمْ قمْ قول غضب أو إرهاق، أو يشاهد وجهه أو يسمع كلامه، فيدرك منها ما يدل على ذلك، أو يظهر من حركاته وقرائن أحواله أمارات تقتضي ذلك.
فأما مجرد فقط فلا يدل تكريره على الفورية؛ لأن الزمان من ضروريات وقوع الامتثال، كما أن المكان من ضرورياته أيضا، وكما لا يدل تكرار الأمر على وجوب إيقاع المأمور به في مكان معين، فكذلك لا يدل تكرار على وجوب إيقاعه في زمان معين.
ولا حيلة في دفع هذا لمن ذهب إلى أن الأمر يقتضي الفور سواء كرر

١ المثل السائر: ٣/ ٣٠.

4 / 286