Fakihat Nudama
فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
Genres
فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
تأليف
ناصيف اليازجي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم الوهاب. الذي بيده الفضل يؤتيه من يشاء، ويرزق من يشاء بغير حساب. أما بعد، فإذ كان ذكر الشيخ ناصيف اليازجي قد سار في كل طريق، فتواردت إليه المراسلات من كل فج عميق؛ رأينا أن نطبع ما دار بينه وبين القوم من هذا القبيل. وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فاكهة الندماء في مراسلات الأدباء
من ذلك ما ورد إليه من عبد الباقي أفندي العمري من بغداد. وهو قوله:
Unknown page
زارت حماك بكل بكر كاعب
وبدت كبدر لاح بين كواكب
وترنحت ورنت فأصبح صبها
ملقى قتيل ذوابل وقواضب
نشرت ذوائبها ففاح عبيرها
كالمسك فوق كواهل ومناكب
نظرت على بعد خيال رقيبها
فتعجبت من فرعها بغياهب
قد أحرقت كبدي بنار خدودها
سبكا فلا تطفي بدمع ساكب
Unknown page
لم أدر قبل قوامها ولحاظها
أن الردى بمعاطف وحواجب
لو لم يكن منها اللمى خمرا لما
خطرت وماست كالنزيف الشارب
ليلي طويل حالك كفروعها
والجفن صار كخطوها المتقارب
أمسى الفؤاد بشعرها وبصدغها
أبدا لسبع أساود وعقارب
ولقد ركبت من الجياد مطهما
ينساب كالحيات بين سباسب
Unknown page
ألف الفلا لف الفدافد بالربا
كالبرق يطوي البيد تحت الراكب
فكأنني من فوقه ملك ومن
وحش القفار أسير بين مواكب
أصبو إلى نحو الحمى متلفتا
تلفا وقد ضاقت علي مذاهبي
ما لي وصرف الدهر طال مطاله
عندي وأنعم لي بمنع مطالبي
ويهش إن هو ظل يهشم أعظمي
أو بات ينهشني بناب نوائب
Unknown page
إن رمت أن يطفي ضرام ضمائري
لم يرمها إلا بصوب مصائب
سحت وشحت بالدموع وبالكرى
عيني وأولتني بلون شاحب
عمري مضى ما بين مذود عاذل
لذع الحشى مني وعين مراقب
أخطت سهام البين قلبي والهوى
لا زال يرميني بسهم صائب
أبلى النوى جسدي النحيف كأنني
قلم بدا بيدي نصيف الكاتب
Unknown page
حبر حلا في حبره قرطاسه
كالتبر لما لاح فوق ترائب
فسطوره وطروسه في حسنها
حاكت سماء زينت بكواكب
وكأنما أقلامه وبنانه
برق سرى ما بين خمس سحائب
فلكم أفاد مروعا بيراعه
وبكتبه كم فل جيش كتائب
ولكم بعلم النحو أوضح منهجا
أغنى اللبيب به عن ابن الحاجب
Unknown page
فطن حوى من كل فن قلبه
فكأن فيه محاضرات الراغب
رقت لطافة شعره واستعبدت
رق ابن عباد الوزير الصاحب
لو رام نظم الدر في أصدافه
وافى له بفرائد وغرائب
أو للدراري شامها أو شاءها
طلعت عليه بطالع أو غارب
سبك القريض وصاغه حليا له
وبه تكفى عن صناعة كاسب
Unknown page
تجري القوافي تحت ظل يراعه
وتظل ترعاه بمنلة طالب
لو كان يرقى المرء في الشعر العلى
لعلا على الشعرى بعشر مراتب
تصبو إلى أخلاقه ريح الصبا
ويميل لطفا كل سار سارب
حفت به العليا فخف بحملها
وبحلمه أمسى كطود راسب
ذرب اللسان يذب فيه مخاصما
واللفظ عذب كالنبات الذايب
Unknown page
ربحت تجارة حظه في خطه
وجرت سوابقه بسوق تجارب
لم يبتهج في الدهر في ذهب ولم
يحزن على فقدان مال ذاهب
يبدو محياه كبدر طالع
والرأي منه كالشهاب الثاقب
لو قمت طول الدهر أنشد مدحه
بين الأنام فلم أقم بالواجب
وبمدحه العمري آب مؤرخا
ترتيب مدحي في نصيف الكاتب [وبمدحه العمري آب مؤرخا = سنة 1264، ترتيب مدحي في نصيف الكاتب = سنة 1848].
Unknown page
فأجابه بقوله:
يا أيها القلب الخفوق بجانبي
قد صرت ويحك حاضرا كالغائب
الحق بأهلك في العراق وخلني
بالشام في أهلي فلست بصاحبي
فتنتك أفئدة الرجال فلم تكن
ممن أصيب بأعين وحواجب
عاطيت لكن لا بكأس منادم
فسكرت لكن لا بخمرة شارب
ذقت الهوى صرفا وما كل الهوى
Unknown page
يجد الفتى فيه السبيل لعائب
حب الكريم كرامة لمحبه
ونباهة المطلوب مجد الطالب
قد شافك العمري قطب زمانه
متباعدا في صورة المتقارب
متواتر الآثار أردف كتبه
فأتت كتزكية الشهود لكاتب
هذا إمام في الأئمة ذكره
قد شاع بين مشارق ومغارب
ولئن تأخر في الزمان فإنه
Unknown page
عقد بلى الآحاد عند الحاسب
نجني الفرائد من بحار قريضه
منظومة من صنع فكر ثاقب
من كل قافية شرود بيتها
ضربت له الأوتاد بين ترائب
أثنى جميلا من تعود سمعه
فيه ولكن بالخليق الواجب
أثنى بما هو أهله فكأنما
أهدى لنا من نفسه بمناقب
شرف لبست طرازه فاهتزني
Unknown page
عجبا إلى ما فوق فوق مراتبي
فإذا ادعيت جعلت ذلك شاهدي
وإذا افتخرت جعلت ذلك ناسبي
يا جابر القلب الكسير بلطفه
ماذا ترى في أمر قلب ذائب
ما زال يقعده الهوى ويقيمه
كالفعل بين جوازم ونواصب
اردد فؤادا لي أراك غصبته
مني فإن الرد حكم الغاصب
ما كان أسمحني به لكنه
Unknown page
وقف العراق فلا يصح لواهب
شوقي إلى من لم تراه نواظري
في قطر أرض لم تطأه ركائبي
أحببت زوراء العراق لأجله
ولأجلها أطراف ذاك الجانب
حق المحبة للقلوب فقد أرى
حب الوجوه عليه لمحة كاذب
وإذا تعرض دون عين حاجب
فهناك قلب لا يرد بحاجب
أفديك يا من ليس لي في حبه
Unknown page
فضل فذاك علي ضربة لازب
أحسنت في قول وفعل بارعا
وكلاهما للنفس أكبر جاذب
أنت الذي نال الكمال موفقا
من رازق من شاء غير محاسب
فإذا نظمت فأنت أبلغ شاعر
وإذا نثرت فأنت أفصح خاطب
وإذا نظرت فعن شهاب ثاقب
وإذا فكرت فعن حسام قاضب
وإذا جرت لك في الطروس براعة
Unknown page
فسواد وشم في معاصم كاعب
هذه رسول لي إليك وليتني
كنت الرسول لها بمعرض نائب
شامية من آل عيسى أقبلت
في ذمة العمري تحت مضارب
عذراء يثنيها الحياء مهابة
وتقودها الأشواق قود جنائب
نزعت إلى ماء الفرات وما درت
كم أغرقت صهواته من راكب
تلك البقية من ذخائر أعجم
Unknown page
تلقى البقية من كرام أعارب
من كل نابغة يفيض كأنما
نشر الفرزدق في تميم الغالب
ماذا يقوم ولو تطاول قاصر
بمدى تقصر فيه جرد سلاهب
فلك الجميل إذا عذرت وإن تلم
فلقد أصبت وما الملوم بعاتب
وأرسل إليه الشيخ عبد الحميد الموصلي من بغداد هذه الأبيات:
حتى م أهفو للقدود الهيف
وأخف إن سنحت ظباء الخيف
Unknown page
وأمد طرفي للحسان وأنثني
من دونهن بناظر مطروف
أذكى الهوى بحشاشتي نار الجوى
والجفن جاد بدمعه المذروف
أوقرن آذاني الحوادث بعدما
سمعت رنين خلاخل وشنوف
ونفرن عني الغانيات وملن من
بعد الوصال إلى المطال الكوفي
ومنعنني رشف اللمي وأبين أن
يتحفنني إلا كئوس حتوف
Unknown page
أسفا على عصر الشباب وقد مضى
بربيع لذاتي وطيب خريفي
ولى وأبقى في الجسوم وفي الحشا
برد الشتاء وحر نار مصيف
والشيب سود صفحتي وقادني
في شعره المبيض كالمكتوف
والظهر ضاهى قوس نداف القرى
والشيب صار كقطنه المندوف
والدهر أنكر صحبتي من لؤمه
وتنكرت لامي من التعريف
Unknown page
وكلفت في شاكي اللحاظ ثقيلة
ردفاه لا يشكو من التكليف
وبقيت أستف الذعاف تصبرا
وأعلل الآمال بالتسويف
قلبي وطرفي أصبحا من بعده
والبين بين مقرح مكفوف
لم أحظ من دمعي ومن حادي النوى
إلا ببحري وافر وخفيف
ومن النواظر والفؤاد فلم أفز
إلا بخلي فاسق وعفيف
Unknown page