هل أتيت لتلحق به ضرا؟
إني لن أسمح لك بأن تضره
هل أتيت لتأخذيه؟
إني لن أسمح لك بأن تأخذيه مني
لقد أعددت له ما يحميه منك: من نبات «إفت» إنه يسبب الآلام، ومن البصل الذي يلحق بك الضرر، ومن الشهد الحلو المذاق (للأحياء) من الرجال ومر المذاق لمن هم هنالك (يعني للموتى)، ومن الأجزاء المؤذية من سمك «إبدو»، ومن فك «مررت»، ومن العمود الفقري للسمكة.
ولم تقتصر الأم الوجلة على ابنها على استعمال التعويذة الآنفة الذكر بمثابة رقية، بل كانت تشفعها بمزيج شهي تعطيه الطفل المريض فيبتلعه، وهو مزيج مصنوع من الأعشاب والشهد والسمك، وكان خاصا بطرد الشياطين الشريرة (ذكورا وإناثا) ممن كانت تصيب الطفل بالمرض أو تهدد باختطافه. وإننا نجد في وصف الشهد بأنه «حلو المذاق (للناس الأحياء) ومر المذاق لمن هنالك (يعني للأموات)» ما يشعر بنوع هذه الشياطين؛ إذ إنه من الواضح أن بعضا من الشياطين التي تشير الأغنية إلى الفزع منها هم نفس الأموات الذين تجردوا من أجسامهم، وعلى ذلك كانت حياة أهل الدنيا في تصادم مع الأموات طول مدة حياتهم من هذه الناحية، فكان من اللازم حينئذ العمل على كبح جماح أولئك الأموات الأشرار ووقفهم عند حدودهم، ومن هنا كانت التعاويذ والحيل السحرية التي دلت على تأثير فعلها ضدهم في الحياة الدنيا، ولا بد أن لها قيمتها في الحياة الآخرة أيضا.
ومن ذلك أن تلك الرقية السالفة الذكر التي منعت خطف الطفل من أمه كان يمكن استعمالها كذلك ضد من يسعى لسلب قلب أي رجل في العالم السفلي، ولكي يتمكن الرجل المتوفى من الدفاع عن نفسه ما عليه إلا أن يقول:
هل حضرت لتأخذ قلبي هذا الحي؟
إن قلبي هذا الحي لن يعطى لك!
وعلى ذلك فإن الشيطان الذي كان يريد أخذ قلبه ليفر به يضطر حتما إلى التسلل بعيدا عنه.
Unknown page