Faith in the Hereafter and Its Impact on the Individual and Society
الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
Genres
إذا أدبرت الدنيا حلت الآخرة، التي هي آخر مراحل الإنسان، فتنقضي الأزمان، وتفنى الأعوام، وتختفي المعالم. فهو يوم لا ليل بعده، لذا وصف بالآخر؛ لأنه لا يقال يوم إلا لما تقدمه ليل (^١)
وذكر العلماء في سبب تسمية اليوم الآخر بهذا الاسم عدة أوجه:
قال الإمام الطبري ﵀: " فكذلك الدار الآخرة، سميت آخرة؛ لتقدم الدار الأولى أمامها، فصارت التالية لها آخرة، وقد يجوز أن تكون سميت آخرة؛ لتأخرها عن الخلق، كما سميت الدنيا " دنيا " لدنوها من الخلق " (^٢)
وقال العلامة السمرقندي ﵀: " لأنه لا يكون بعده ليل، فيصير بمنزلة يوم واحد " (^٣)
وقال الإمام البغوي ﵀: " وسميت الآخرة آخرة؛ لتأخرها، وكونها بعد فناء الدنيا " (^٤)
وقال الحافظ ابن حجر ﵀: " وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا، أو آخر الأزمنة المحدودة " (^٥)
وقال العلامة ابن باز ﵀: " سمي الآخر؛ لأنه دبر الدنيا، الدنيا ثم يوم القيامة " (^٦)، وقال العلامة ابن عثيمين ﵀: " لأنه لا يوم بعده " (^٧)
فاليوم الآخر يوم طويل، لا يكون حتى تفنى الدنيا وما عليها. تقف فيه الخلائق حتى يُقضى بينها، ففريق في الجنة وفريق في السعير. وقد فاز من حاز الدول الثلاث فيها، قال أبوبكر الواسطي: " الدول ثلاث: دولة الحياة ودولة الموت، ودولة يوم القيامة.
فأما دولة الحياة: فإنه يعيش فيها في طاعة الله تعالى.
وأما دولته عند الموت: بأن تخرج روحة عند شهادة أن لا إله إلا الله.
وأما الدولة الصحيحة: فدولة يوم القيامة البشرى، فحين يخرج من القبر يأتيه البشير بالجنة " (^٨)
* * *
_________
(^١) الثعالبي: الجواهر الحسان: (١/ ١٨٧).
(^٢) الطبري: جامع البيان: (١/ ٢٤٥).
(^٣) السمرقندي: بحر العلوم: (٢/ ٤٩٥).
(^٤) البغوي: معالم التنزيل: (١/ ٨٥).
(^٥) ابن حجر: فتح الباري: (١/ ١١٨)، السمعاني: تفسير القرآن: (١/ ٤٤)، ابن الجوزي: زاد المسير (١/ ٢٩)، الخازن: لباب التأويل (١/ ٢٥)، ابن علان: دليل الفالحين: (٥/ ١٨١).
(^٦) ابن باز: عقيدة أهل السنة والجماعة: موقع الشيخ الرسمي على الشبكة العنكبوتية، وهي عبارة عن محاضرة ألقيت في الرياض بتأريخ: ٧/ ٦/١٤١٥ هـ.
(^٧) ابن عثيمين: شرح ثلاثة الأصول: ص (١٠٠).
(^٨) السمرقندي: تنبيه الغافلين: ص (٦٥).
1 / 49