ولمّا علمت ما لحملة العلم من الشّرف، عند السّلف والخلف، وعظم شأنهم، وعلوّ قدرهم، على قدر سائر أهل زمانهم، كما حدّثنا أبو حفص المذكور بالسند المتقدّم إلى أبي القاسم زيد بن عبد الله المذكور، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجريّ، ﵀، قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحرّانيّ، قال: حدثنا عاصم بن عليّ، قال: حدثنا أبو معشر، عن يعقوب بن زيد بن طلحة بن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «حملة العلم في الدّنيا خلفاء الأنبياء، وفي الآخرة من الشّهداء» (١).
وعرفت ما أوجبه الله تعالى من حقوق طلبة العلم على الكافّة، وألزمهم إيّاه من التحنّن عليهم والرأفة، كما حدّثني به أبو حفص المذكور بالسند المتقدّم إلى أبي القاسم زيد بن عبد الله المذكور، قال: حدّثني شيخي أبو سعد عبد الله بن مسعود، قال: حدّثني محمد بن منصور، قال: حدّثني أبو سلمة موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبديّ، قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدريّ قال لنا: مرحبا بوصيّة رسول الله ﷺ: سمعته ﷺ، يقول: «إنه سيأتيكم قوم من أقطار الأرض يطلبون العلم، فاستوصوا بهم خيرا» (٢).
_________
(١) إسناده تالف، ولم نقف عليه من هذا الوجه، ولكن رواه الخطيب في تاريخه من حديث ابن عمر، وقال: «منكر جدا» (تاريخه ٦/ ٣١) وهو موضوع، جزم بذلك الذهبي في الميزان ١/ ١٣٠، وقال في تلخيص الواهيات فيما نقله عنه ابن عرّاق في تنزيه الشريعة ١/ ٢٧١: «كذب»، وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (٨٢) نقلا عن الخطيب.
(٢) إسناده ضعيف جدا، فإن أبا هارون العبدي متروك، أخرجه الطيالسي (٢٣٠٥) وعبد الرزاق (٢٠٤٦٦)، والترمذي (٢٦٥٠)، وابن ماجة (٢٤٧) و(٢٤٩)، وابن عدي في الكامل ٥/ ١٧٣٣، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٧/ ٨٨ و٤٨/ ٩٣، ٢١٨ ولا يعرف هذا الحديث إلا من طريق أبي هارون العبدي، كما صرّح بذلك الترمذي. وقد أورده الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» والحاكم في «المستدرك» وتمام الرازي في فوائده من طريق سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة العبدي عن أبي سعيد، وصححه الحاكم وتابعه العلامة =
1 / 28