Fahm Fahm
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Genres
وقد نستخدم موضوعات معينة للوعي كأمثلة لكي نتعرف على الماهيات، غير أننا نفعل ذلك بنفس الطريقة التي قد نستخدم بها رسما معينا لمثلث كي نستظهر نظرية هندسية ما مثل نظرية فيثاغوراس، إننا نرسم المثلث الخاص كمثال للتوضيح، غير أن الحقيقة المتعلقة بطبيعة الماهية لا تعتمد بحال على وجود هذا المثلث الخاص ولا على غيره، ونحن في استخدامنا للأمثلة إنما نصف ما أسماه هسرل «أفق» الشيء، وباللعب الحر للمخيلة، و«التنويع الحر»
Free Variation ، نحدد الحدود التي يمكن داخلها للشيء أن يختلف فيما يبقى نفس النمط من الأشياء، هكذا نحول خبرتنا بكيان مفرد إلى خبرة بالماهية، ويكون لدينا عندئذ عيان غير حسي بالماهية، أو رؤية حدسية للماهية
Eidetic Intuition .
من خلال الحدوس (العيانات) يمكننا أن نصف البنية الجوهرية لخبراتنا باعتبارها ظواهر خالصة، تشتمل الظواهر آليا على أفعال ذهنية وعلى الموضوعات الظاهرية لهذه الأفعال، على الفكر وموضوع الفكر، الفينومنيولوجيا، ومن ثم الفلسفة، هي أساس أي علم كان لأن أي وعي معقول بالعالم على الإطلاق لا بد له من أن يبدأ بهذا الفهم الأساسي للماهيات، إذ بدون هذه الماهيات لن يكون للعالم أي دلالة لنا على الإطلاق، بهذا المعنى يعتبر هسرل أن الفينومينولوجيا مبحث «قبلي»
a priori ؛ لأن فهم المعاني والدلالات والماهيات الأساسية مقدمة منطقيا على كل تنظير ومستقلة عن أي وقائع عرضية.
تضطلع الفينومينولوجيا بتلك الخصائص المرتبطة بأصناف الظواهر ارتباطا ضروريا، وتهدف الفينومينولوجيا إلى بلوغ حقائق ضرورية وموضوعية وذات يقين مطلق، من حيث هي لا تنتسب إلى منظور معرفي أو مكاني أو زماني، بهذا المعنى تكون هذه الحقائق حقائق مطلقة
Categorical ، فهي تعاين مباشرة من الخبرة ولا تعتمد في قبولها على قبول أي حقائق أخرى، مثل هذه الحقائق الأساسية المتصلة ببنية الأشياء الظاهرية يتعين أن ترى مباشرة أو لا ترى أبدا.
لو أن الظواهر كانت محايدة تماما وخلوا من أي دلالة أو معنى، لما كان هناك أي أمل في قيام أي علم على الإطلاق؛ لأن غياب المعاني والدلالات الأساسية لموضوعات الوعي كفيل بأن ينفي أي إمكانية لقيام علم يربط مفردات خبرتنا معا في أي هيئة قابلة للتكرار والفهم، وغاية الفينومينولوجيا هي العودة إلى الدلالات الأصلية النهائية للخبرات، مبرأة من ركام الدلالات البالية المدمجة في النظريات العلمية والافتراضات الدارجة، هنالك نرى العالم بدهشة ونضارة، أو نتعلم رؤية العالم من جديد. (8) الأنا الترانسندنتالية (الشارطة)
تتضمن فلسفة هسرل تطبيقا جذريا آخر لمنهج الإبوخيه ، لقد قلنا إن الرد الفينومينولوجي يضع بين أقواس كلا من العالم الخارجي الطبيعي والافتراضات المرتبطة بالاعتقاد في مثل هذا العالم، غير أن هناك شيئا آخر يظل عرضة للإبوخيه، ذلك هو الأنا الفردي أو الوعي، فكل فعل للوعي يفترض ذاتا أو «أنا»
Ego
Unknown page