وقد روي عن النبي ﷺ تفسير بعض العلوم التي لا تنفع. ففي مراسيل أبي داود عن زيد بن أسلم) قال قيل يا رسول الله ما أعلمَ فلانا قال بم قالوا بأنساب الناس قال علم لا ينفع وجهالة لا تضر (وخرجه أبو نعيم في كتاب رياض المتعلمين من حديث بقية عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا وفيه) إنَّهم قالوا أعلم الناس بأنساب العرب وأعلم الناس بالشعر وبما اختلفت فيه العرب وزاد في آخره العلم ثلاثة ما خلاهن فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة (: وهذا الإسناد لا يصح وبقية دَلَّسهُ عن غير ثقة، وآخر الحديث خرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا) العلم ثلاثة ما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة (وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وفيه ضعف مشهور.
وقد ورد الأمر بأن يُتعلم من الأنساب ما توصل به الأرحام من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال) تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم (أخرجه الإمام احمد والترمذي. وخرجه حميد بن زنجويه من طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعا) تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ثم انتهوا. وتعلموا من العربية ما تعرفون به كتاب الله ثم انتهوا. وتعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا (وفي إسناد روايته ابن لُهَيعة وخرج أيضًا من رواية نعيم بن أبي هند قال قال عمر: تعلموا من النجوم ما تهتدون به في بركم وبحركم ثم امسكوا وتعلموا من النسبة ما تصلون به أرحامكم وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ثم انتهوا وروى مسعر عن محمد ابن عبد الله قال قال عمر بن الخطاب) تعلموا من النجوم ما تعرفون به القبلة والطريق (.
وكان النخعي لا يرى بأسًا أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به ورخص في تعلم منازل القمر أحمد وإسحق ويتعلم من أسماء النجوم ما يهتدي به: وكره قتادة تعلم منازل القمر: ولم يرخص ابن عيينه فيه ذكره حرب عنهما. وقال طاوس رب ناظر في النجوم ومتعلم حروف أبي جاد ليس له عند الله خلاق خرجه حرب. وخرجه حميد بن زنجويه من رواية طاوس عن ابن عباس. وهذا محمول على علم التأثير لا علم التسيير فان علم التأثير باطل محرم وفيه ورد الحديث المرفوع) ومن اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر (. خرجه أبو داود من حديث ابن عباس مرفوعا وخرج أيضًا من حديث قبيصة مرفوعًا) العيافة والطِيَرة والطرق من الجبت.. (والعيافة زجر الطير: والطرق الخط في الأرض.
فعلم تأثير النجوم باطل محرم. والعمل بمقتضاه كالتقرب إلى النجوم وتقريب القرابين لها كفر وأما علم التسيير فإذا تعلم منه ما يحتاج إليه للإهتداء ومعرفة القبلة والطرق كان جائزًا عند الجمهور وما زاد عليه فلا حاجة إليه وهو يشغل عما هو أهم منه. وربما أدى التدقيق فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين في أمصارهم كما وقع ذلك كثيرًا من أهل هذا العلم قديمًا وحديثًا وذلك يفضي إلى اعتقاد خطأ الصحابة والتابعين في صلاتهم في كثير من الأمصار وهو باطل.
وقد أنكر الأمام أحمد الاستدلال بالجدي وقال إنما ورد ما بين المشرق والمغرب قبلة: يعني لم يرد اعتبار الجدي ونحوه من النجوم. وقد أنكر ابن مسعود على كعب قوله أن الفلك تدور وأنكر ذلك مالك وغيره وأنكر الإمام أحمد على المنجمين قولهم أن الزوال يختلف في البلدان. وقد يكون إنكارهم أو إنكار بعضهم لذلك لأن الرسل لم تتكلم في هذا وإن كان أهله يقطعون به وإن كان الاشتغال به ربما أدى إلى فساد عريض.
وقد اعترض بعض من كان يعرف هذا على حديث النزول ثلث الليل الآخر وقال ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين. ومعلوم بالضرورة من دين الإسلام قبح هذا الاعتراض. وأن الرسول ﷺ أو خلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه بل بادروا إلى عقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين.
1 / 2