أول أمراء بني أمية بالأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، يكنى أبا المطرف ، مولده بالشام سنة ثلاث عشرة ومائة ، وأمه أم ولد اسمها راح ؛ هرب لما ظهرت دولة بني العباس ، ولم يزل مستترا إلى أن دخل الأندلس سنة ثمان وثلاثين ومائة في زمن أبي جعفر المنصور ، فقامت معه اليمانية ، وحارب يوسف ابن عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري الوالي على الأندلس ( 2 ) فهزمه ، واستولى عبد الرحمن على قرطبة يوم الأضحى من العام المذكور ، فاتصلت ولايته إلى أن مات سنة اثنتين وسبعين ومائة . كذا قال لنا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الفقيه : يوسف بن عبد الرحمن ابن أبي عبيدة . ورأيت في غير موضع يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبدة ، فالله أعلم . وكان عبد الرحمن بن معاوية من أهل العلم ، وعلى سيرة جميلة من العدل . ومن قضاته : معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي ( 3 ) . وله أدب وشعر ، ومما أنشدونا له يتشوق إلى معاهده بالشام قوله ( 4 ) : [ من الخفيف ] أيها الراكب الميمم أرضي . . . أقر من بعضي السلام لبعضي """""" صفحة رقم 192 """"""
إن جسمي ، كما علمت ، بأرض . . . وفؤادي ومالكيه بأرض قدر البين بيننا فافترقنا . . . وطوى البين عن جفوني غمضي قد قضى الله بالفراق علينا . . . ( 1 ) فعسى باجتماعنا سوف يقضي
ولاية الأمير هشام بن عبد الرحمن
ثم ولي بعد عبد الرحمن ابنه هشام ، يكنى أبا الوليد ، وسنه حينئذ ثلاثون سنة ، فاتصلت ولايته سبعة أعوام إلى أن مات في صفر سنة ثمانين ومائة ، وكان حسن السيرة متحريا ( 2 ) للعدل ، يعود المرضى ويشهد الجنائز ، أمه حوراء .
ولاية الحكم بن هشام
ثم ولي بعده ابنه الحكم ، وله اثنتان وعشرون سنة ، يكنى أبا العاص ، أمه أم ولد اسمها زخرف ؛ وكان طاغيا مسرفا ( 3 ) ، وله آثار سوء قبيحة ، وهو الذي أوقع بأهل الربض الوقعة المشهورة فقتلهم وهدم ديارهم ومساجدهم ؛ وكان الربض محلة متصلة بقصره ، فاتهمهم في بعض أمره ، ففعل بهم ذلك ، فسمي الحكم الربضي لذلك ؛ واتصلت ولايته إلى أن مات في آخر ذي الحجة سنة ست ومائتين .
ولاية عبد الرحمن بن الحكم
ثم ولي بعده ابنه عبد الرحمن ، يكنى أبا المطرف ، وله ثلاثون سنة ، وأمه أم ولد اسمها حلاوة ، فاتصلت ولايته إلى أن مات في صفر سنة ثمان وثلاثين ومائتين ؛ وكان وادعا محمود السيرة .
ولاية الأمير محمد بن عبد الرحمن
ثم ولي بعده ابنه محمد يكنى أبا عبد الله ، وأمه أم ولد اسمها تهتز ؛ فاتصلت ولايته إلى أن مات في آخر صفر سنة ثلاث وسبعين ومائتين . قال لنا أبو محمد علي بن أحمد : وكان محبا للعلوم مؤثرا لأهل الحديث ، عارفا ، حسن السيرة ؛ ولما دخل الأندلس أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد ( 4 ) بكتاب " مصنف "
Page 192