ونظر الأحنف إلى درهم فى يد رجل يقلّبه، فقال: أما إنه ليس لك حتى يخرج عن يديك.
ويروى عن يحيى بن خالد أنه كان يقول: لا يحسن بالملك أن تكون جائزته أقلّ من ألف ألف، وجائزة وزيره أقل من خمسمائة ألف. وكان يعطى ويعتذر كما قال يزيد المهلبىّ:
كم صغّروا منهم والله يكلؤهم ... نعماء ما صغّرت إلا لأن عظموا
ويروى أن المأمون قال لمحمد بن عباد المهلّبى- وكان من أجود الناس:
بلغنى يا محمد أنك تصبّ المال صبّا، قال: يا أمير المؤمنين، حبس الموجود سوء الظنّ بالمعبود. وكان رسول الله صلّى الله عليه يقول: «الله يقول: ابن آدم يقول:
مالى مالى، مالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت» . وقال ﵇: «خصلتان ليس فوقهما من الخير شىء: الإيمان بالله ﷿ والنفع لعباده» . وقال ﵇: «من عظمت نعمة الله عنده عظمت مؤونة الناس عليه، فمن لم يحتمل تلك المؤونة عرّض تلك النعمة للزوال» .
وقال عبد الله بن العباس: ما رأيت رجلا لى عنده معروف إلا أضاء ما بينى وبينه، وما رأيت رجلا أسأت إليه إلا أظلم ما بينى وبينه. ويروى عن عيسى ﵇ أنه قال: استكثروا من شىء لا تأكله النار، قيل: وما هو؟ قال:
المعروف. وكان ابن السّماك يقول: العجب ممّن يشترى المماليك بماله ولا يشترى الأحرار بمعروفه.
وأنشد منشد عبد الله بن جعفر «١»:
إن الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع
1 / 35