نال، وما الذى أعطيناه؟ إنما أعطيناه مالا يفنى، وثيابا تبلى، ومطايا تنضى وأعطانا ثناء يبقى، ومديحا يروى.
وهذا يشبه ما يروى «١» عن معاوية أنه قال لرجل من ولد قيس بن معديكرب:
ما أعطى أبوك الأعشى حين مدحه؟ فقال: ثيابا وإبلا وأشياء أنسيتها، قال:
لكنه أعطاه ما لا ينسى.
ويروى أن عبد الله بن الحسن قدم على أمير المؤمنين أبى العباس فسلّم عليه والمال فى ذلك الوقت قليل- فلما انصرف بعث إليه بثلاثين ألف درهم وقال له: أعلمت أن مثلى وهب لمثلك مثلها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قدم عبد الله ابن جعفر على يزيد بن معاوية فسلّم عليه. فلما انصرف وجّه إليه بمائة ألف درهم وقال للرسول: احفظ ما يقول، فرجع إليه فقال [: قال]: اقرأ ﵇.
قال يزيد: لم يرض ابن جعفر! اذهب إليه بمثلها، ففعل، فقال: قل له: وصلتك رحم. قال أبو العباس: فاسق وهب لمسرف.
وحدّثنى الرياشىّ عن الأصمعىّ قال: كان ابن هبيرة وهو أمير العراق يقسم المال بين أصحابه ويقول:
لا «٢» تبخلنّ بدنيا وهى مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف
فإن تولت فأحرى أن تجود بها ... فالشكر منها إذا ما أدبرت خلف
ومثل ذلك قول يحيى بن خالد البرمكىّ لبنيه: يا بنىّ، إذا أقبلت الدنيا عليكم فأعطوا منها فإنها لا تفنى، وإذا أدبرت عنكم فأعطوا منها فإنها لا تبقى. وكان بعضهم يعطى العطايا السابغة ويفرّق التفرقة الواسعة، وينشد:
أنت للمال إذا أمسكته ... فإذا أنفقته فالمال لك «٣»
1 / 34