361

Faḍāʾil al-Thaqalayn min kitāb Tawḍīḥ al-Dalāʾil ʿalā Tarjīḥ al-Faḍāʾil

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

Genres

1034 ومن خطبه (عليه السلام) الفائقة التي وصف الله تعالى فيها بالأوصاف اللائقة: «ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنى من شبهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بحول فكرة، غني لا باستفادة، لا تصحبه الأوقات، ولا ترفده الأدوات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله.

بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، والوضوح بالبهمة، والجمود بالبلل، والحرور بالصرد، مؤلف بين متعادياتها، مفرق بين متدانياتها، مقرب بين متباعداتها، مقارن بين متبايناتها، لا يشمل بحد ولا يحسب بعد، وإنما تحد الأدوات أنفسها، وتشير الآلات إلى نظائرها.

منعتها منذ القدمية وحمتها قد الأزلية، وجنبتها لو لا التكملة، بها تجلى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون، لا يجري عليه السكون والحركة، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه؟ إذن لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه ولكان له وراء إذا وجد له أمام! ولألتمس التمام إذا لزمه النقصان! وإذن لقامت آية المصنوع فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره.

الذي لا يحول، ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول، ولم يلد فيكون مولودا، ولم يولد فيصير محدودا، جل عن اتخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسة النساء، لا تناله الأوهام فتقدره، ولا تتوهمه الفطن فتصوره، ولا تدركه الحواس فتحسه، ولا تلمسه الأيدي فتمسه. ولا يتغير بحال، ولا يتبدل بالأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف بشيء من الأجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغيرية والأبعاض، ولا يقال له: حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية، ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه، ولا أن شيئا يحمله فيميله أو يعدله، ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج، يخبر لا بلسان

Page 391