بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من أبي عبيدة بن الجراح، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي أهلك المشركين، ونصر المسلمين، وقديما ما تولى الله أمرهم، وأظهر فلجهم، وأعز دعوتهم، فتبارك الله رب العالمين، أخبر أمير المؤمنين -أكرمه الله- أنا لقينا الروم وهم جموع، لم تلق العرب مثلها جموعا، فآتونا وهم يرون لا غالب لهم من الناس أحد، فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا، ما قوتل المسلمون مثله في موطن قط، ورزق الله المؤمنين الصبر، وأنزل عليهم النصر، فقتلهم الله تعالى في كل قرية، وكل شعب وواد وجبل وسهل، وغنم الله المسلمين عسكرهم، وما كان فيهم من أموالهم ومتاعهم، ثم إني تبعتهم بالمسلمين حتى بلغت أقصى بلاد الشام، وقد بعثت إلى أهل الشام عمالي، وقد بعثت إلى أهل إيلياء أدعوهم إلى الإسلام، فإن قبلوا وإلا فليؤدوا الجزية إلينا عن يد وهم صاغرون، فإن أبوا سرت إليهم حتى أنزل بهم، ثم لا أزايلهم حتى يفتح الله على المسلمين إن شاء الله، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب إليه عمر: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر [أمير المؤمنين] إلى أبي عبيدة بن الجراح، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد أتاني كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من إهلاك الله تعالى للمشركين، ونصر المؤمنين، وما صنع الله بأوليائه وأهل طاعته، والحمد لله على حسن صنيعه إلينا، وسيتم الله ذلك لشكره، ثم اعلموا أنكم لم تظهروا على عدوكم بعدد ولا قوة ولا عدة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولكنه بعون الله ونصره ومنه وكرمه وفضله، فلله الطول والمن والفضل العظيم، فتبارك الله أحسن الخالقين، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليك.
Page 57