قال الوليد: فحدثني شيخ من الجند عن عطاء الخراساني: أن المسلمين لما نزلوا على بيت المقدس، قال لهم رؤساؤهم: إنا قد أجمعنا بمصالحتكم، وقد عرفتم منزلة بيت المقدس، وأنه المسجد الذي أسري بنبيكم إليه، ونحن نحب أن يفتحها مليككم، وكان الخليفة عمر بن الخطاب، فبعث المسلمون إليه وفدا، وبعث الروم وفدا مع المسلمين حتى أتوا المدينة، فجعلوا يسألون عن أمير المؤمنين، قال الروم لترجمانهم: عمن يسألون؟ قال: عن أمير المؤمنين. فاشتد عليهم وقالوا: هذا الذي غلب فارس والروم، وأخذ كنوز كسرى وقيصر، ليس له مكان يعرف، بهذا غلب الأمم، فوجدوه وقد ألقى نفسه حين أصابه الحر نائما، فازدادوا تعجبا، فلما قرأ كتاب أبي عبيدة أقبل حتى نزل بيت المقدس، وفيها اثنا عشر ألفا من الروم وخمسون ألفا من أهل الأرض، فصالحهم على أن يسيروا الروم، وأحلهم ثلاثا، فمن قدر عليه بعد ثلاث فقد برئت منه الذمة، وأمن من بها من أهل الأرض، وضرب عليهم الجزية، على القوي خمسة دنانير، وعلى الذي يليه أربعة دنانير، وعلى [الذي] يليه ثلاثة دنانير، وليس على فان كبير شيء، ولا على طفل صغير، ثم أتى محراب داود نبي الله صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين فصلى فيه، وقرأ سورة ص.
Page 55