Explanation of Uncovering the Doubts by Khaled Al-Mosleh
شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
Genres
عدم قبول الله ﷿ لعذر من ناقض توحيده بقلبه ولو كان مكرهًا
قال ﵀: (والآية الثانية: قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ﴾ [النحل:١٠٦-١٠٧] قال ﵀ في التعليق على الآية: (فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئنًا بالإيمان -منشرحًا بالإسلام- وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله خوفًا أو مداراة) فمن واطأ كفره الظاهر الذي أكره عليه انشراحًا في القلب وميلًا وسكونًا وطمأنينة بالكفر فإنه يكفر ولو كان مكرهًا، والذي استثناه الله ﷾ من فعل الكفر أو قاله وهو مكره عليه مع انشراح قلبه بالإسلام، واطمئنانه إلى الإيمان، أما ما عدا ذلك فهو كافر.
قال ﵀: (أو مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله، أو فعل على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره) .
قال ﵀: (فالآية تدل على هذا من وجهين أي: على أنه لا يعذر إلا من أكره مع اطمئنان قلبه وانشراحه بالإيمان، قوله: (إِلا مَنْ أُكْرِهَ) فلم يستثن الله تعالى إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام أو الفعل)، وأما على الاعتقاد فلا يكرهك أحد على أن تعتقد ما حرم الله ﷾ عليك اعتقاده، فالقلب لا سبيل إليه، أما الظاهر واللسان فإن السبل إليه كثيرة، فقد عذر الله ﷾ ظهور الكفر بسبب الإكراه الملجئ على اللسان والجوارح، أما على القلب فإنه ﷾ لم يعذر في ذلك أحدًا؛ وذلك أنه لا سبيل إلى تحويل ما في القلب إلا إذا كان القلب فاسدًا، أما إذا كان القلب مطمئنًا بالإيمان، صحيحًا سليمًا معافى فإنه لو وضع عليه ما وضع عليه من العذاب فإنه لا يمكن أن ينصرف عن الإيمان والإسلام إلى الكفر والإلحاد، بل سيكون مستقرًا مطمئنًا بالإيمان، وشواهد هذا في حياة الصحابة وحياة من بعدهم من التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين كثيرة جدًا.
ويفهم من كلامه (لا يكره على الكلام أو الفعل) أن الآية تشمل الإكراه في القول والإكراه على الفعل، فمن أكره على قول الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان إكراهًا ملجئًا لم يضره ذلك، ومن أكره على فعل الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لم يضره ذلك أيضًا، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إن الإكراه الذي يعذر به العبد هو في القول فقط، وأما الإكراه في الفعل فإنه لا يجوز أن يفعل فعلًا شركيًا ولو أكره على ذلك، ولو كان الإكراه مُلجئًا يئول به إلى فقد حياته، والصواب هو القول الأول، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم، أن الإكراه الذي يسوغ الوقوع في الكفر يستوي فيه الإكراه على قول الكفر أو الإكراه على فعل الكفر، ثم قال: (وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد) .
ثم قال ﵀: (والثانية: قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ﴾ [النحل:١٠٧] فلما استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة كان ذلك سبب كفرهم، فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد والجهل والبغض للدين ومحبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظًا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين، والله ﷾ أعلم وأعز وأكرم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين) .
تم بحمد الله وتوفيقه، وبهذا نكون قد انتهينا من كشف الشبهات، نسأل الله ﷾ أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم من المباركين.
11 / 5