Explanation of Uncovering the Doubts by Khaled Al-Mosleh
شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
Genres
الصحابة لم يكونوا يسألون النبي ﵊ بعد موته
ثم قال ﵀: (كما كان أصحاب رسول الله ﷺ يسألونه في حياته وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوا ذلك عند قبره) فلم يُنقل عن أحد من الصحابة ﵃ أنهم كانوا يأتون إلى قبره ويسألونه الدعاء، ولو فُعل لنُقل، بل الذي نُقل عنهم ﵃ أنهم نهوا من أتى يسأل الله عند قبره كما روي ذلك عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ﵄، فإنه رأى رجلًا كان يأتي إلى فرجة عند بيت النبي ﷺ يدعو فنهاه، وقال له: إن النبي ﷺ قال: (لا تتخذوا قبري عيدًا، وصلوا عليّ أينما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)، وهذا فيه النهي عن قصد القبر من أجل الدعاء، فمن قصد قبر النبي ﷺ أو غيره لأجل أن يدعو الله ﷾ عنده فإن هذا بدعة، وأما لو قصده للطلب من الميت أن يدعو الله ﷾ له فهذا بدعة منكرة، وهو من وسائل الشرك، فلو سأل الميت نفسه فإنه يكون قد وقع في الشرك الذي ينقل عن الملة كما قال ﷾: ﴿فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن:١٨]، فمن دعا غير الله فقد أشرك في هذه العبادة، ومن صرف عبادة لغير الله ﷾ فقد وقع في الشرك، وفُهم من هذا خطأ ما يفعله كثير من الناس الآن إذا ذهب للسلام على النبي ﷺ في قبره توجه إلى القبلة يدعو، فإن هذا الأمر محدث، بل نص شيخ الإسلام ﵀ في الجواب الباهر على أن هذا من البدع، فعلى العبد إذا سلم أن ينصرف ويدعو في أي مكان في المسجد، ولا يتقصد ولا يتحرى الدعاء عند قبر النبي ﷺ، فإن هذا من المحدثات، ولو قال قائل: إن هذا من المسجد، فإن المسجد قد أحاط ببيت النبي ﷺ من كل جانب، فالجواب: أن الممنوع هو أن تتقصد هذا المكان للدعاء؛ لأن الناس لا يفهمون أن هذا من المسجد، بل هم يظنون أنك وقفت تدعو هنا لأجل بركة المكان، وهو قربك من قبر النبي ﷺ، فاذهب وانصرف وادع الله حيثما شئت.
وقد ذكر شيخ الإسلام ﵀ أن الصحابة ﵃ لم يُنقل عنهم قصد الحجرة للسلام على النبي ﷺ إلا ما جاء عن ابن عمر أنه كان إذا قدم من سفر يأتي ويسلم على النبي ﷺ، وعلى أبي بكر، وعلى عمر يقول: السلام عليك يا رسول الله! السلام عليك يا أبا بكر! السلام عليك يا أبي! وينصرف، ونُقل مثل هذا عن أنس ﵁ أيضًا، وأما سائر الصحابة فلم يفعلوا ذلك، ولم يثبت عنهم حتى المجيء للسلام، بل كانوا يكتفون بالسلام عند دخول المسجد، ولا يقصدون الحجرة أو القبر للسلام على النبي ﷺ، فهذا من الأمور التي انتشرت بعد عهد الصحابة ﵃.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن الوفود كانت تفد إلى المسجد النبوي وتدخل وتخرج ولا تقف عند القبر لا للسلام ولا لغيره.
والذي يظهر لي أن هذا هو الأحسن والأكمل، فيكتفي بالسلام عند دخوله للمسجد، ولا يقصد الحجرة أو القبر للسلام، فإن هذا لم يفعله إلا ابن عمر ﵁، فمن فعله تأسيًا بـ ابن عمر ﵁ فليقف عند ورد عن ابن عمر ﵁، فإن الذي ورد عنه أنه كان يقول: السلام عليك يا رسول الله! السلام عليك يا أبا بكر! السلام عليك يا أبتي! وينصرف، ولا يفعله إلا عند المجيء من السفر، أما ما يفعله كثير من الناس من السلام عليه بعد كل صلاة، وبعضهم إذا لم يتمكن أو كان عنده شغل ولا يستطيع الذهاب إلى جوار الحجرة وقف في مكانه، وتوجه إلى القبر، وتمتم ببعض الكلمات، ثم انصرف؛ فهذا لا شك أنه من البدع والمحدثات، وكل بدعة ضلالة.
10 / 7