Explanation of the Luminous Creed - Mohamed Hassan Abdel Ghaffar
شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار
Genres
وجوب التسليم لكلام الله وكلام رسوله
وقبل أن نشرع في شرح هذا الكتاب فإن بين يدي هذا الكتاب ضوابط قدمها لنا الشيخ رحمة الله عليه وقواعد هامة في الأسماء والصفات، قال ﵀: القاعدة الأولى: في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة وأسماء الله وصفاته، وملخصها أنه يجب على كل إنسان أن يعلم أن الله أنزل الكتاب بلسان عربي مبين، ولو علم رجل أعجمي رجلًا عربيًا هذا القرآن ما خرج إلينا بهذه الفصاحة، وفائدة قولنا: بلسان عربي مبين: أن كل عربي يفقه عن الله مراده من ظاهر كلامه جل في علاه.
قال الله تعالى: ﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ [يس:٥]، وقال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء:١٩٣ - ١٩٥] وقال: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف:٢]، فالحكمة من كونه عربيًا لعلكم تعقلون ما يقال لكم؛ لأنه نزل بلغتكم، فالواجب في كتاب الله وسنة النبي ﷺ أن نأخذ ظاهر اللفظ ولا نحرفه ولا نؤوله.
فنسلم لكلام الله، ونسلم لكلام رسول الله، ونسلم لأحكام الله، ونسلم لأحكام رسول الله، فمثلًا: يقول الله جل في علاه: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح:١٠]، فيجب علي أن آخذ ظاهر كلمة (اليد) على ما هي عليه ولا أقول: هي النعمة، ولا أقول هي القدرة، ولا أأولها ولا أحرفها.
ولله أصابع؛ لأن النبي ﷺ ظاهر كلامه عندما قال اليهودي: (إن الله يحمل الأشجار على هذا ويشير إلى أصابعه، فضحك النبي ﷺ مقرًا كلام اليهودي)، فظاهر هذا اللفظ أن لله أصابع، وفي الصحيحين عن النبي ﷺ قال: (قلب بني آدم بين إصبع من أصابع الرحمن)، أو (بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء) سبحانه جل في علاه، فهنا أثبت النبي ﷺ في ظاهر قوله أن لله أصابع، فالواجب علي أن أسلم لكلام النبي وأقول: لله أصابع، ولا أقول: هي القدرة أو هي النعمة.
وأيضًا قال الله تعالى عن سفينة نوح: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [القمر:١٤]، واللغة العربية معنى العين معلوم فيها، وقد قال الله لموسى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه:٣٩]، فالواجب علي أن أقول: كلمني ربي بلساني وهو لسان عربي مبين، فيجب علي أن أمرر هذه اللفظة على ظاهرها، يقول الله له يد فأثبت له يدًا، ويقول له عين فأثبت له عينًا، ويقول له ساق فأثبت له ساقًا، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم:٤٢].
فأمرر قول الله على ما هو عليه بنفس المعنى العربي المبين، والذي يحرف أو يؤول فيقول: اليد القدرة، ويقول: العين الرعاية، فهذا محرف لكلام الله جل في علاه، ويقع تحت التحذير الشديد الذي حذرنا الله منه، وهو: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:١٦٩]، وقد قال الله تعالى محذرًا لعباده: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء:٣٦]، فإذا قال الله عن نفسه: إن الله يضحك، فلا تقل: يرحم بل قل: إن الله يضحك.
ولذلك جاء بعض الصحابة إلى رسول الله ﷺ عندما أخبر أن الله يضحك فقال: (يا رسول الله! ما الذي يضحك الرب؟ قال: أن تخلع درعك)، يعني: تظهر الشجاعة والصدق، وتدخل على العدو تقاتل من أجل الله فتقتل مقبلًا غير مدبر، قال: (يضحك ربنا من ذلك؟ قال: يضحك ربنا من ذلك، فخلع درعه ثم قال: لن نعدم خيرًا من رب يضحك)، فقد علم أن الله يضحك، ولازم الضحك أنه سيثيب عباده الذين ضحك لهم.
يقول الله: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ [الفيل:١ - ٣]، محمد عبده ﵀ وغفر له زلاته من مدرسة العقلاء مدرسة الاعتزال الذين يقدمون العقل على النقل، يقول -طبعًا الكلام للغرب لأنهم لا يمكن أن يستوعبوا أن الله يرسل طيرًا بحجر فيقتل الأمة بأسرها- فقال: طير أبابيل معناه الجدري، ومرة أخرى يقول: المد والجزر، فأول وحرف كلام الله، فبدل أن يكون بلسان عربي مبين جعله أعجميًا فأوله وحرفه، وكأنه بلسان حاله يقول: ربنا ليس هذا الكلام الذي نعقله عنك، الكلام هذا ليس بصحيح، وكأن كلام الله جل في علاه في كتابه لا يعقله أحد من العرب، والله أنزله بلسان العرب.
إذًا: الضابط الأول في كلام الله وكلام الرسول: التسليم التام لكلام الله وكلام الرسول كما أننا نسلم لأحكام الله وأحكام الرسول.
1 / 3