Explanation of the Dalya Poem by Al-Kaludhani
شرح القصيدة الدالية للكلوذاني
Publisher
دار ابن الجوزي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Genres
مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] فَأَمَدَّهُ الله بِالمَلائِكَةِ (١).
فهذا ما يشير إليه الناظم بقوله: «حَامِيهِ في يَومِ العَرِيشِ».
ثم ذكر الناظمُ ﵀ منقبةً ثالثةً لأبي بكرٍ ﵁، فقال: «وَمَنْ لَهُ» يعني والذي له «في الغَاِر أَسْعَدَ» يعني في غارِ ثَوْرٍ، وهذا فيه إشارةٌ إلى ما حصل في قصَّةِ خروجِ النبيِّ ﷺ وأبي بكرٍ من أجل الهجرةِ إلى المدينةِ، فقد خَرَجَا مستَخْفِين، فلجئا إلى الغارِ حتى يهدأ الطلب عنهما، حتى وصل إليهما الطلب في الغار يتتبعون أثرهما إلا أنَّ الله برحمتِه وحكمتِه أعمى بصائِرَهم وأبصارَهم عن رسول الله ﷺ وصاحبِه، وجعل من الأسباب ما يصرف أنظارهم وعقولهم عنهما.
وقد أشار الله ﷿ إلى هذا النصر بقوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠)﴾ [التوبة: ٤٠].
فأبو بكر ﵁ أَسْعَدَ النبيَّ ﷺ في هذا اليوم أَيَّمَا إسعادٍ، فقد أَسْعَدَهُ بصحبَتِهِ ومرافقَتِهِ وحمايتِهِ له، حتى إنَّه قد جاء في أخبار الهجرة أنَّ أبا بكر ﵁ كان يمشي مع النبيِّ ﷺ، فتارةً يكون أمامه، وتارةً يكون خلفه، وتارةً عن يمينه، وتارةً عن يساره، فلما سأله النبيُّ ﷺ عن سببِ ذلك، قال: إني أذكر العَدُوَّ من الرَّصَد (٢) فأكونُ أمامَك، وأذكر العَدُوَّ
(١) أخرج القصة مطَوَّلَةً: مسلمٌ في «صحيحه» (٣/ ١٣٨٣ رقم ١٧٦٣)، وأخرجها البخاريُّ (٣/ ١٠٦٧ رقم ٢٧٥٨) مختَصَرَةً. (٢) يقال: فُلانٌ يَخافُ رَصَدًَا من قُدَّامِهِ، وطَلَبًا من وَرائِهِ، يعني: عَدُوًّا يَرْصُدُهُ ويَرْقُبُهُ. ينظر: «أساس البلاغة» للزمخشري (١/ ٢٣٣).
1 / 101