Explanation of Tahawiyyah Creed - Yusuf Al-Ghufays
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Genres
اضطراب منهج المتكلمين وبعده عن السنة
قال المصنف ﵀: [فمن رام علم ما حُظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة].
الأمر كذلك؛ فإن أهل السنة من الصحابة وأئمة السلف هم أصدق هذه الأمة علمًا وإيمانًا، وهم المحققون للتوحيد -توحيد المعرفة وتوحيد العبادة- بخلاف الذين كثر فيهم الخرص من المتكلمين ومن طاف على مذهبهم أو قاربه، أو طوائف من أرباب الأحوال المخالفة من المتصوفة، فهم في أمر مريج، وكما قال الله تعالى: ﴿لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذاريات:٨ - ٩]، وهذا شائع في كلامهم وتحصيلاتهم، فهم من أكثر الناس جهلًا بالسنن والآثار، ولا أدل على ذلك من أن بعض فضلائهم المقاربين والمعظمين لطريقة السلف كـ أبي حامد الغزالي يذكر هو عن نفسه أنه مزجي البضاعة في الحديث، وترى أنه في إحيائه -مع أن كتاب (الإحياء) بالنسبة لكتب أبي حامد يعد من أجودها- يستدل فيه بالموضوع، ويستدل بما في صحيح البخاري، ولا يفرق بين هذا الدليل وهذا الدليل.
فهم قد ابتعدوا عن السنن والآثار، واشتغلوا بهذه العلوم التي زعموها علومًا عقلية، وكان من فقه السلف ﵏ أنهم كانوا لا يسمون علم الكلام علمًا عقليًا، ولا يجعلون دليله دليلًا عقليًا، بل يسمونه علم الكلام، وتواتر عن السلف ذم هذا العلم ولم ينقل عنهم ذم العقل، فإن العقل لا يذم مطلقًا، وإن كان يصح أن يذم شيء منه إذا كان مقيدًا، فإن المقيد يختلف حكمه عن المطلق، والله في كتابه لم يذم العقل.
فأولى المذاهب بالجمع بين العقل والنقل هو مذهب السلف، ومن فقه شيخ الإسلام أن سمَّى كتابه: (درء تعارض العقل والنقل)، أي: أنه لا تعارض بين العقل والنقل، وكل عقل زعم صاحبه أنه عارض النقل فالشأن في عقله، إلا إذا فرض أن النقل ليس صحيحًا، كحديث يروى ولا يصح عن الرسول ﵌.
8 / 9