Sharḥ Ṣaḥīḥ Muslim - Ḥasan Abūʾl-Ashbāl
شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال
Genres
شرح حديث ابن عمر: (لا يزال هذا الأمر في قريش)
قال: [وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس] وأحيانًا يقول مسلم: حدثنا أحمد بن يونس، وينسبه إلى جده لكثرة ملازمته لجده ويسقط من النسب أباه، حتى إذا أردت أن تبحث عن ترجمة أحمد بن عبد الله بن يونس تكون أنت عالمًا بنسب الرجل، ولو كنت لا تعلم أن أحمد بن حنبل اسمه أحمد بن محمد بن حنبل لا بد أنك ستحتار في البحث عن ترجمته، وكثير من الناس يذهب إلى كتب التراجم ليفتّش عن ترجمة راو بعينه، مشهور بنسبته إلى جده مثلًا كـ أحمد بن محمد بن حنبل، فيبحث في باب أحمد بن حنبل، فلا يجد في الرواة من يسمى أحمد بن حنبل، فيظن أن هذا الكتاب لم يشتمل على ترجمة الإمام، فيقول: فبحثت في كتاب التقريب أو التهذيب أو الكمال أو غير ذلك من كتب الرجال فما وجدت ذكرًا له.
وفي الحقيقة هو مذكور في كل هذه الكتب، ولكن بهذا الاسم الثلاثي أحمد بن محمد أي: اسم الآباء في باب الميم، ولكنه ذهب ليبحث عن ترجمته في باب الحاء في اسم الأب أحمد بن حنبل، فلم يجد له ذكرًا في هذا الموطن، فكذلك الذي يبحث عن ترجمة أحمد بن عبد الله بن يونس يبحث عن هذا الاسم الثلاثي.
وربما يكون الحافظ ابن حجر في كتاب التقريب أو التهذيب علم أن هذا موطن يخطئ فيه كثير من الناس، فيقول في باب الياء بالنسبة للأب أحمد بن يونس تجده قد سبق في أحمد بن عبد الله بن يونس، فإذا قال ذلك فقد أراحك، وإلا فقد حدث هذا معي منذ سنوات فيما يسمى بـ عبد الله بن منيع، فأنا بحثت عنه بهذا الاسم وإذا به اسم طويل جدًا، وفي آخره منيع، وما دلني على ذلك إلا شيخنا الفاضل رحمة الله تعالى عليه الشيخ عبد المحسن العباس، وهو أستاذ الحديث في الجامعة الإسلامية، وله كتب في المصطلح كثيرة.
قال: [وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه قال: قال عبد الله: قال رسول الله ﷺ: (لا يزال هذا الأمر في قريش -أي: الإمارة- ما بقي من الناس اثنان)] وهذا يدل على أن الإمارة والخلافة في قريش إلى يوم القيامة، وربما يدخل في هؤلاء الخلفاء المهدي المنتظر؛ لأنه آخر الخلفاء على الإطلاق، وهو قرشي من أهل بيت النبي ﷺ، بل من أولاد فاطمة ﵂، واسمه يواطئ اسم النبي ﷺ، واسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي ﷺ.
أي: اسمه محمد بن عبد الله القرشي، فلا يأتك بعد هذا صعيدي أو منوفي فيقول: أنا المهدي المنتظر.
لا بد من معرفة أصله: هل هو قرشي أم لا؟ ولا يمنع أن يكون القرشي منوفيًا -وإن كانت هذه عجيبة من العجائب- فلو أنه انتقل من قريش إلى منوف أو إلى الصعيد فلا بأس أن تكون الأسرة هاجرت وهو منها، وهذا تقدير الله ﷿ حتى يعم الأمر، فيظهر فجأة ومرة واحدة، فإن عيسى بن مريم ﵇ بشّر بنبي يأتي من بعده اسمه أحمد، فلما تسمى محمد ﵇ بهذا الاسم، خفي على الناس أن محمدًا كأحمد، وكان أول من تسمى في الدنيا باسم أحمد هو نبينا ﷺ، فقال الشانئون: إنما بشّر عيسى ﵇ برجل اسمه أحمد ولم يقل: محمد، فقال النبي ﷺ: (أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحى به الذنوب، وأنا الحاشر وأنا العاقب) أي: الذي يُحشر الناس على قدميه ﵊ أو بين يديه ﷺ، فهذه أسماؤه الخمسة، وله أسماء أخرى قد ذكرناها من قبل ومرت بنا.
17 / 5