Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini
شرح صحيح البخاري للحويني
Genres
معنى قاعدة: إذا خرج الكلام مخرج الغالب فلا مفهوم له
إن العلماء يقولون: إذا خرج الكلام مخرج الغالب فلا مفهوم له.
وهذه هي القاعدة التي جهلها هذا البيطري، وهذه القاعدة تعني: أن العرب كانوا يأكلون الربا أضعافًا مضاعفة بالفعل، كان هذا واقعهم وغالب فعلهم، فنزل الكلام تنبيهًا على غالب الفعل.
إذًا: مفهوم المخالفة غير مطلوب وليس محصورًا، فمفهوم المخالفة في هذه الحالة غير مقصود ألبتة، إنما خرج الكلام على غالب فعل الناس، فإذا كان الكلام قد خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، مثل هذه الآية: ﴿لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران:١٣٠] فلا يقولن قائل: إذًا الربا القليل يجوز والكثير المضاعف لا يجوز.
نقول له: لا، العرب كانوا يأكلون الربا مضاعفًا، فقال لهم: لا تأكلوا الربا مضاعفًا، نزل الكلام على فعلهم، إذًا: مفهوم المخالفة هنا غير مقصود، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ [النور:٣٣] كان هذا هو فعلهم وواقعهم بالفعل، فقال لهم: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور:٣٣] .
ومثله قوله ﷺ: (لا تصوم امرأة وزوجها شاهد بغير إذنه غير رمضان) فكلمة "شاهد" خرجت مخرج الغالب لماذا؟ لأن الزوج إنما يحتاج الزوجة وهو شاهد حاضر، لكن إذا كان الرجل مسافرًا فلماذا يمنعها من الصيام؟ فلما كان غالب حاجة الرجل للمرأة إذا كان شاهدًا حاضرًا، قيل لها: لا تصومي ما دام زوجك شاهدًا، فخرج القيد مخرج الغالب وإلا إذا سافر الرجل وقال لامرأته: لا تصومي وأنا غائب؛ فإنه لا يحل لها الصيام لو نص على ذلك.
وقال ﵊ أيضًا: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح) وكلمة "باتت" تدل على الليل، وحتى تصبح يؤكد أن المسألة بالليل، لأن داعي هذا الفعل لا يكون إلا ليلًا عادةً، فجاء النص وجاء الكلام عليه، وإلا فإن المرأة إذا طلبها زوجها نهارًا فأبت وهجرت فراشه لعنتها الملائكة أيضًا، إنما نص ﵊ على الليل؛ لأن الداعي لهذا الفعل لا يكون إلا ليلًا.
إذًا: هذا معنى أن الكلام يخرج مخرج الغالب، فإذا خرج الكلام مخرج الغالب فلا مفهوم له.
1 / 4