Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh

Saleh Al-Sheikh d. Unknown
72

Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh

شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

Genres

قال ﵀ بعد ذلك (وَضَرَبَ لهم آجَالًا)

ضرب لهم آجالًا، الآجال جمع أجل. وضَرْبُ الآجال معناه: أنه ﷿ جعل لكل شيء أجلًا ينتهي إليه فما من شيء إلا وله أجل ينتهي إليه المراد من خلقه. فالسماوات لها أجل والأرض لها أجل تنتهي إليه، وهكذا مخلوقات الله ﷿، ومنها ما جعل الله ﷿ له أجل يعلمه سبحانه ولا يعلمه العباد قد يطول جدا وقد لا يكون له نهاية، بعلم الله ﷾ له. الآجال غير الأعمار فالعمر أخص من الأجل، ولهذا قال من قال من أهل العلم إنَّ الأجل في القرآن لا يقبل التغيير ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [يونس:٤٩]، ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ [يونس:٤٩] في الأمم، وقال ﷿ في العمر ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ [فاطر:١١]، وهذا يدلك على أنَّ الله ﷾ ضَرَبَ آجَالًا وجعل أعمارًا. والجمع بين هذا وهذا عند طائفة من المحققين من أهل العلم أنَّ الأجل لا يقبل التعديل ولا التغيير، وأما الأعمار فهي قابلة لذلك، بأسباب أناط الله ﷿ بها التغيير في قَدَرِهِ السابق، كما قال سبحانه ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد:٣٨]، ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد:٣٩] . فإذًا أجَلْ العباد، أجَلْ المخلوقات، أجَلْ الأمم هذا هو الذي في اللوح المحفوظ، لا يقبل التغيير، ولا يقبل التبديل، جعله الله ﷿ على هذا النحو على ما اقتضته حكمته ﷾، وأما الأعمار فإنها تقبل التغيير. وقَبُولها للتغيير لما في التقدير السنوي للعباد؛ لأنَّ القَدَرْ منه قدر عام وهو الأصل العظيم، وهو ما جاء في قوله؟ (قدر مقادير الخلائق قبل أن يخل السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) (١) هذا التقدير العام في اللوح المحفوظ. ومنه تقدير خاص، التقدير الخاص يختلف فيه تقدير لكل مخلوق في رحم أمه، وثَمَّ تقدير سنوي في ليلة القدر، وثَمَّ تقدير يومي أيضا لما يفعله العباد. إذا تبين ذلك فإنَّ التقدير الذي يقبل التغيير هو ما في صحف الملائكة. وهذا الذي يُحْمَلُ عليه قول الله ﷿ ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ [فاطر:١١] . بعض أهل العلم في التفسير فَهِمَ الآية أنَّ معناها وما يعمر من مُعَمَّرٍ ولا يُنقص من عمر مُعَمَّرٍ آخر إلا في كتاب، وأنّ تعمير المعمر يكون بسببٍ قد قُدِّر هو والتعمير معا، فيكون قد عُمِّر، لا بالنسبة إلى أنه كان عمره ليس بطويل فأطيل فيه. وهذا يخالف ما جاءت به السنة الصحيحة من قول المصطفي؟ (من سرَّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه) (٢)، وبقوله؟ فيما صح عنه (ولا يزيد العمر إلاّ البِر) (٣) . قال هنا (من سرّه أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره) يعني أنَّ زيادة الأرزاق منوطة بسبب، وأن تعمير المعمَّر زيادة في عمره، نَسْءُ الأثر هذا مربوط بسبب، وهذا هو الذي ارتبط بالأعمار، بالآثار. أما الآجال فلا، الآجال لا تقبل تغييرًا، لأنها هي الموافقة لما في اللوح المحفوظ، يعني الأجل الذي إليه النهاية، أما العمر فهذا يقبل التغيير. ولهذا صح عن ابن عباس ﵄ أنه قال في قوله تعالى في سورة الرعد ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد:٣٩] أنه في صحف الملائكة، ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد:٣٩] يعني اللوح المحفوظ وهذا واضح. فقول المؤلف ﵀ (وَضَرَبَ لهم آجَالًا) يعني ما كان من التقدير السابق قبل خلق السماوات والأرض. _________ (١) سبق ذكره (٦١) (٢) البخاري (٢٠٦٧) / مسلم (٦٦٨٧) (٣) الترمذي (٢١٣٩)

1 / 72