﷿، فالقرآن عندهم إنما هو عبارة عن كلام الله، يقول بعضهم: خلقه الله في اللوح المحفوظ، وأخذه جبريل من اللوح المحفوظ مباشرة.
" والقرآن كلام الله ﷿ " المضافات إلى الله تعالى على نوعين:
١ـ أوصاف لا تقوم بنفسها وإنما تقوم بموصوف، مثل سمع الله وبصر الله وعلم الله وكلام الله ومشيئة الله، فإضافتها إلى الله إضافة وصف.
٢ـ أعيان قائمة بنفسها، مثل بيت الله وعبد الله وأمة الله وناقة الله، فإضافتها إلى الله إضافة خلق.
ولأهل البدع تلبيس في هذا الموضع فيقول بعضهم: يصح أن يضاف الكلام إلى الله، لكن إضافته إليه إضافة خلق، فيقولون في نحو قول الله تعالى: ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي﴾ ١ القول من الله خلقًا وإيجادًا، فيجعلونه كقول الله ﵎: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ ٢. وهذا تلبيس منهم؛ لأنهم جعلوا الأوصاف المضافة إلى الله كالأعيان المضافة إليه وليس الباب واحدًا. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:"كلُّ ما يضاف إلى الله إن كان عينًا قائمة بنفسها فهو ملك له، وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به فهو صفة لله"٣.
فقول المصنف هنا: " القرآن كلام الله " الإضافة إضافة وصف.
" ووحيه وتنزيله " أي: أنزله على النبي ﷺ وحيًا، وفي إيماننا بأنَّ القرآن نزل من الله دلالة على علوه سبحانه؛ لأنَّ النزول إنما يكون من علو، ولهذا تذكر هذه الآيات التي فيها نزول القرآن من الله ضمن أدلة العلو.
" والمسموع من القاري كلام الله ﷿، قال الله ﷿: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ " فالمشرك الذي أجير حتى يسمع كلام الله إنما سمعه من
١ الآية ١٣ من سورة السجدة.
٢ الآية ١٣ من سورة الجاثية.
٣ مجموع الفتاوى " ٩/٢٩٠ "