وهذا كان بالعراق، ثم ظهر جهم من ناحية المشرق من ترمذ، ومنها ظهر رأي جهم....."١، "وإنما اشتهرت مقالتهم من حين محنة الإمام أحمد، وغيره من علماء السنة، فإنهم في إمارة المأمون قووا، وكثروا فإنه قد كان بخراسان مدة، واجتمع بهم ثم كتب بالمحنة من طرسوس سنة ثماني عشرة ومائتين، وفيها مات، وردوا الإمام أحمد إلى الحبس ببغداد سنة عشرين ومائتين، وفيها كانت محنته مع المعتصم، ومناظرته لهم، فلما رد عليهم ما احتجوا به، وذكر أن طلبهم من الناس أن يوافقوهم جهل، وظلم. وأراد المعتصم إطلاقه أشار عليه من أشار بأن المصلحة ضربه لئلا تنكسر حرمة الخلافة، فلما ضربوه قامت الشناعة في العامة، وخافوا، وأطلقوه"٢.
وهذه المسألة "قد كثر فيها الاضطراب، حتى قال بعضهم: مسألة الكلام حيرت عقول الأنام"٣، وسبب هذا الضلال، والحيرة، والاضطراب القياس الفاسد في العقليات، والتأويل الفاسد في السمعيات، "فتشعبت بهم الطرق، وصاروا مختلفين في الكتاب مخالفين للكتاب، وقد قال – تعالى –: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [البقرة: ١٧٦] "٤، و"هذا منتهى كل من عارض نصوص الكتاب"٥.
و"الناس قد تنازعوا في كلام الله نزاعًا كثيرًا، والطوائف الكبار نحو ست فرق"٦ وأبرز هذه الأقوال ما يلي: