ـ[رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (١) وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِه﴾ (٢)،وَقَوْلُهُ: ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ (٣) .]ـ
/ش/ وَالْعِلْمُ صِفَةٌ لِلَّهِ ﷿، بِهَا يُدْرَكُ جَمِيعُ الْمَعْلُومَاتِ عَلَى مَا هِيَ بِهِ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ؛ كَمَا قَدَّمْنَا.
وَفِيهَا إِثْبَاتُ اسْمِهِ الْحَكِيمِ، وَهُوَ مأخوذٌ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الصَّوَابَ، فَلَا يَقَعُ مِنْهُ عبثٌ وَلَا باطلٌ، بَلْ كُلُّ مَا يَخْلُقُهُ أَوْ يَأْمُرُ بِهِ فَهُوَ تابعٌ لِحِكْمَتِهِ.
وَقِيلَ: هُوَ مِنْ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مُفْعِل، وَمَعْنَاهُ: المُحْكِم لِلْأَشْيَاءِ، مِنَ الْإِحْكَامِ: وَهُوَ الْإِتْقَانُ، فَلَا يَقَعُ فِي خَلْقِهِ تفاوتٌ وَلَا فطورٌ، وَلَا يَقَعُ فِي تَدْبِيرِهِ خللٌ أَوِ اضطرابٌ.
وَفِيهَا كَذَلِكَ إِثْبَاتُ اسْمِهِ الْخَبِيرِ، وَهُوَ مِنَ الْخِبْرَةِ؛ بِمَعْنَى كَمَالِ الْعِلْمِ، وَوُثُوقِهِ، وَالْإِحَاطَةِ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَوُصُولِ عِلْمِهِ إِلَى مَا خَفِيَ ودقَّ مِنَ الْحِسِّيَّاتِ وَالْمَعْنَوِيَّاتِ.
وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بَعْضَ مَا يتعلَّق بِهِ علمُه؛ لِلدَّلَالَةِ عَلَى شُمُولِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِمَا لَا تَبْلُغُهُ عُلُومُ خَلْقِهِ:
فَذَكَرَ أَنَّهُ: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ﴾؛ أَيْ: يَدْخُلُ ﴿فِي الأَرْض﴾ مِنْ حبٍّ