Explanation of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah by Al-Harras
شرح العقيدة الواسطية للهراس
Publisher
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤١٥ هـ
Publisher Location
الخبر
Genres
وَإِضَافَتُهُ إِلَى اللَّهِ ﷿ تدلُّ عَلَى أَنَّهُ صفةٌ لَهُ قَائِمَةٌ بِهِ، وَلَيْسَتْ كَإِضَافَةِ الْبَيْتِ أَوِ النَّاقَةِ؛ فَإِنَّهَا إِضَافَةُ مَعْنًى إِلَى الذَّاتِ، تدلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمَعْنَى لِتِلْكَ الذَّاتِ؛ بِخِلَافِ إِضَافَةِ الْبَيْتِ أَوِ النَّاقَةِ؛ فإنَّها إِضَافَةُ أَعْيَانٍ، وَهَذَا يردُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ منفصلٌ عَنِ اللَّهِ.
ودلَّت هَذِهِ الْآيَاتُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ منزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تكلَّم بِهِ بصوتٍ سَمِعَهُ جِبْرِيلُ ﵇، فَنَزَلَ بِهِ، وأدَّاه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا سَمِعَهُ مِنَ الربِّ جَلَّ شَأْنُهُ.
وَخُلَاصَةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ كَلَامُ اللَّهِ، منزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ، وَاللَّهُ تكلَّم بِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ كَلَامُهُ حَقِيقَةً لَا كَلَامُ غَيْرِهِ، وَإِذَا قَرَأَ النَّاسُ الْقُرْآنَ أَوْ كَتَبُوهُ فِي الْمَصَاحِفِ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَن قَالَهُ مُبْتَدِئًا، لَا إِلَى مَن بَلَّغَهُ مؤدِّيًا، وَاللَّهُ تكلَّم بِحُرُوفِهِ وَمَعَانِيهِ بِلَفْظِ نَفْسِهِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ كَلَامًا لِغَيْرِهِ، لَا لِجِبْرِيلَ، وَلَا لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِغَيْرِهِمَا، وَاللَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَيْضًا بِصَوْتِ نَفْسِهِ، فَإِذَا قرأه العباد قرؤوه بِصَوْتِ أَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا قَالَ الْقَارِئُ مَثَلًا: ﴿الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾؛كَانَ هَذَا الْكَلَامُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُ كَلَامَ اللَّهِ، لَا كلَامَ نَفْسِهِ، وَكَانَ هُوَ قَرَأَهُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ لَا بِصَوْتِ اللَّهِ.
وَكَمَا أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، فَكَذَلِكَ هُوَ كِتَابُهُ؛ لِأَنَّهُ كَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَلِأَنَّهُ مكتوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ؛ قَالَ تَعَالَى:
﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ﴾ (١) .
(١) الواقعة: (٧٧، ٧٨) .
1 / 154