Explanation of Al-‘Aqidah Al-Tahawiyyah - Khalid Al-Muslih
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Genres
اعتقاد أن صفات الله الذاتية قديمة
ثم قال بعد أن قرر البعث: [ما زال بصفاته قديمًا قبل خلقه] .
هذا فيه الرد على معطلي الصفات من الجهمية والمعتزلة، فإن المؤلف ﵀ أبطل بعض الشبه الكبار التي يعتمدها الجهمية والمعتزلة في إنكار الصفات.
واعلم -بارك الله فيك- أن صفات الله جل وعلا تنقسم إلى قسمين: صفات ذاتية، وصفات فعلية، أي: صفات ذات، وصفات فعل.
القسم الأول: صفات الذات: وهي التي لم يزل ولا يزال ﷾ متصف بها، فهو متصف بها في الأزل والأبد كصفة الحياة، فهو الحي جل وعلا أزلًا وأبدًا، وكصفة العلم، وكصفة القيومية، وغير ذلك من صفات الذات، فهو ﷾ متصف بها أزلًا وأبدًا.
القسم الثاني من الصفات: صفات الفعل، أو الصفات الفعلية: وهذا النوع من الصفات يفارق النوع السابق في أن الله جل وعلا متصف بها إذا شاء، فهي صفات متعلقة بمشيئته ﷾، ومثال ذلك: الإحياء والإماتة، والاستواء، فهذه من صفات الفعل؛ لأنه لما شاء أن يستوي استوى جل وعلا.
ومنها أيضًا النزول، فكل صفات الفعل يسميها بعض العلماء الصفات الاختيارية للدلالة على أنها معلقة بالمشيئة والاختيار، إذا شاء اتصف بها وإذا شاء لم يتصف بها.
والنوع الأول من حيث اتصاف الله جل وعلا بها في الأزل ليس فيه إشكال، فالله حي قيوم سميع بصير عليم أزلًا وأبدًا، فقول المؤلف ﵀: (ما زال بصفاته قديمًا) المراد بذلك: صفات الذات، ولا إشكال أن صفات الذات داخلة في هذا؛ لأنه لم يزل متصفًا بهذه الصفات، فهو الحي ولا أولية لحياته، وهو الأول الذي ليس قبله شيء ﷾، وكذلك العلم، وكذلك السمع، والبصر، والإرادة، كل هذه من الصفات الذاتية التي اتصف بها ﷾ منه الأزل، فهي قديمة، والمراد بالقديم هنا: أنها لا أول لها، فقوله: (ما زال بصفاته قديمًا)، دخل في هذا صفات الذات.
وهل صفات الفعل قديمة؟ هي قديمة من حيث الجنس، ومعنى قديمة: أنه لا أول لها، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البروج:١٦]، ويدل على ذلك أيضًا أنه جل وعلا القيوم وهو موصوف بهذا أزلًا وأبدًا، لكن أفراد الصفات الفعلية الاختيارية حادثة بعد أن لم تكن، فعندنا في صفات الفعل جنس الأفعال وهذا قديم ليس قبله شيء، أما أفراد الأفعال وآحاد الأفعال فهذه حادثة بعد أن لم تكن.
استواء الله جل وعلا على العرش هل هو من الأزل أم أنه جرى وحدث بعد أن لم يكن؟ حدث بعد أن لم يكن، فإنه جل وعلا بعد خلق السماوات والأرض استوى على العرش، وقبل ذلك لم يكن مستويًا على العرش، لكن من حيث فعل الله جل وعلا هل هو حادث أم قديم؟ جنس الفعل وأصل الفعل قديم فإنه جل وعلا فعال لما يريد، وهذا وصف لا يتقيد بزمن، بل هو جل وعلا فعال لما يريد.
3 / 6