Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

Ibn Jibreen d. 1430 AH
71

Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

Genres

بيان أن مصطلح الفناء ونحوه غلو في الدين قال المؤلف ﵀: [هذه النقول والعقول حاضرة، فهذا كلام الله المنزل على رسوله ﷺ، وهذه سنة الرسول، وهذا كلام خير القرون بعد الرسول، وسادات العارفين من الأئمة، هل جاء ذكر الفناء فيها، وهذا التقسيم عن أحد منهم؟ وإنما حصل هذا من زيادة الغلو في الدين المشبه لغلو الخوارج، بل لغلو النصارى في دينهم، وقد ذم الله تعالى الغلو في الدين ونهى عنه فقال: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ [النساء:١٧١]، ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة:٧٧] وقال ﷺ: (لا تشددوا فيشدد الله عليكم، فإن من كان قبلكم شددوا فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) رواه أبو داود] . أولًا: ذكر أن هذه الاصطلاحات لم يأت بها كتاب ولا سنة، يعني كلماتهم الاصطلاحية التي يتغالون فيها، كتقسيم التوحيد إلى ثلاثة، وتقسيم الفناء أيضًا إلى ثلاثة، وما أشبه ذلك، فكلها ليس عليها دليل، وإنما هي اصطلاحات من عندهم. ثانيًا: ذكر أن هذا بسبب الغلو والغلو هو الزيادة عن المطلوب أو على الوارد، والتشدد فيه، وقد حكى الله أن النصارى غلوا في عيسى حيث قالوا: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة:١٧] أو ثالث ثلاثة: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ [المائدة:٧٣] أو ابن الله: ﴿وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة:٣٠] هذا من الغلو الذي ذمهم الله به، وقد وقع الغلو في هذه الأمة في العبادات وفي غيرها، كما فعلت الخوارج، فإنهم غلوا حتى كفروا بالذنوب. ووقع الغلو في بعض الأشخاص كالرافضة حيث غلوا في أهل البيت، حتى اعتقدوا فيهم العصمة، وفضلوهم على كثير من الرسل، وأعطوهم شيئًا من حق الله. وقد ذم الله تعالى الغلو ونهى عنه كما في سورة النساء: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ [النساء:١٧١] وفي سورة المائدة: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ﴾ [المائدة:٧٧] الآية. وكذلك في الأحاديث؛ ففي هذا الحديث الذي ذكره النهي عن التشدد، وذم المتشددين فإن من المتشددين النصارى (فإن قومًا شددوا فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها)، وكذلك جاء الذم بلفظ الغلو في قوله ﷺ: (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، ذكر أنه أهلك من كان قبلنا، ودين الله تعالى وسط بين الغالي والجافي، والغالي هو الزائد، والجافي هو المقصر، ولعله يأتينا في الغلو ما هو أوسع من هذا البحث إن شاء الله.

7 / 8